«فتاوى الرعاية التلطيفية والرعاية في آخر الحياة»: الفرق بين المراجعتين
(أنشأ الصفحة ب' رعاية تلطيفية تدريب الطبيب على سحب الدم من المريض الميئوس من حياته السؤال الخامس من الفت...') |
(لا فرق)
|
مراجعة 08:03، 29 ديسمبر 2015
تدريب الطبيب على سحب الدم من المريض الميئوس من حياته
السؤال الخامس من الفتوى رقم (6908)
س 5: يحتاج الطبيب أن يتعلم طريقة سحب الدم من المرضى، ولكي يتقن ذلك عليه أن يتدرب مرارا، وهناك بعض المرضى في غيبوبة تامة ومزمنة، ولا أمل في علاجهم، فهل نكون آثمين إن تدربنا عليهم في سحب نسبة قليلة من الدم لا تضرهم ولكنها تجدي بالنفع لنا، فهل هذا يعد من الضرورات؟
ج 5: لا يجوز سحب الدم من المرضى للتعلم والتدرب ولو كان المرضى لا يرجى شفاؤهم؛ لأن في ذلك مضرة عليهم وظلما لهم، أما من كان عقله معه وسمح بأخذ الدم منه لمصلحة غيره فلا بأس بشرط ألا يضره ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي
عضو: عبد الله بن غديان
عضو: عبد الله بن قعود
استعمال جهاز الإنعاش
الفتوى رقم (8926)
س 1: كنت في العام الماضي في مستشفى الملك خالد أقضي سنة التدريب، ودخلت عندنا مريضة كبيرة السن، مصابة بسرطان منتشر في كبدها وجسمها، ومعلوم طبيا أن هذا النوع من المرضى لا يمكن علاجهم، ولا يعيشون مدة طويلة، وكنا نعطيها ما تحتاجه من مغذيات وأدوية، وبعد أيام صار عندها فشل تام في الكبد، وأصبحت مغمى عليها عدة أيام ثم ماتت، وفي هذه الحالة تحصل الوفاة بعد أن تتردى حال المريض شيئا فشيئا، وفي لحظة من اللحظات يتوقف القلب، أي: تحصل السكتة القلبية، فيموت المريض، والسكتة القلبية قد تحصل في أي مرحلة من مراحل العمر، ولها أسباب أخرى معروفة، وهناك عمل يسمى (الإنعاش القلبي الرئوي) إذا أجري للمريض في الحال فقد ينجح في إعادة تشغيل القلب والتنفس، وإنقاذ المريض من الموت بإذن الله تعالى، وفي مستشفى الملك خالد- كما يكون عادة في المستشفيات الكبيرة- يوجد فرقة تتكون من عدة أفراد مؤهلين لعمل الإنعاش القلبي الرئوي، يحمل كل منهم جهازا خاصا يمكن بواسطته استدعاؤه في الحال عند حدوث سكتة قلبية لأي مريض، والإنعاش القلبي الرئوي يتم بإجراء تنفس صناعي بالنفخ في الرئتين، والضغط الشديد المتكرر فوق قلب المريض، قد يؤدي إلى تكسر بعض الضلوع، وإذا لم ينفع هذا يوصل بالمريض أقطاب كهربائية تحدث له صدمة كهربائية عنيفة، أو يدخل إبرة في صدره تدخل إلى جوف قلبه لحقن مادة قد تساعد على تشغيل القلب، وهذه الأعمال تتكرر حتى يشتغل القلب والتنفس أو يقرر الطبيب أن المريض قد مات، وقد يستمر ذلك لمدة نصف ساعة أو أكثر، والقضية المستفتى عنها هنا: أن النظرة السائدة عند الأطباء: أن المريض في مثل الحالة المذكورة أعلاه لو حصل له سكتة قلبية فإن تركه يموت مرتاحا أفضل من تعريضه لعنف الإنعاش القلبي الرئوي، خاصة وأن نسبة نجاحه في هذه الحالة قليلة، ثم لو نجح فإنه لا يتعدى أن يعيد حركة القلب والنفس، وسوف يتوقف مرة أخرى بعد مدة قد لا تكون سوى ساعات قليلة، ولابد من إجراء الإنعاش القلبي الرئوي مرة أخرى، وقد يتكرر ذلك عدة مرات حتى يفشل الإنعاش القلبي الرئوي ويموت المريض.
والأطباء عادة يكتبون في ملف المريض- الذي في هذه الحالة- أن لا تستدعى فرقة الإنقاذ القلبي الرئوي عندما يحصل له سكتة قلبية، وهذا ما كتبه الأخصائي في ملف المريضة المذكورة، وعادة لا يعتبر ما يقوله الطبيب رسميا حتى يكتبه في ملف المريض، وقد اتصلت بالشيخ ابن عثيمين في ذلك الوقت، وشرحت له هذه الحالة، فقال: (بما أن ضرر الإنعاش القلبي الرئوي بالنسبة لهذا المريض أكثر من نفعه فلا يعمل)، والقضية ليست قضية مريض معين أو حالات نادرة، بل مع انتشار أمراض السرطان خاصة في كبار السن، لا يخلو مستشفى من المستشفيات الكبيرة من عدد من المرضى في مثل هذه الحال، ثم ما الحكم لو كان المريض ليس مغمى عليه، بل هو في مثل الحالة المذكورة أعلاه، ولكنه يرى ويسمع ويدرك، وقد يأكل ويتكلم بصعوبة.
س 2: وهذه قضية قائمة الآن: مريض عمره 60 سنة، كان مصابا بضغط الدم والشلل النصفي، وسبق أن استؤصلت كليته اليسرى، وقبل حوالي 6 أشهر أدخل عندنا في المستشفى بسبب وجود حوصلة طفيلية منفجرة في رئته، وحيث إن هذه قد تؤدي إلى الوفاة قرر الأطباء إجراء عملية جراحية لاستئصال هذه الحوصلة، وأثناء العملية حصل له سكتة قلبية، فعمل له الإنعاش القلبي الرئوي، ونجح بإذن الله حيث عاد القلب والنفس إلى عملهما الطبيعي، ولكن المريض لم يصح بعد العملية وبقي مغمى عليه إلى الآن، فهو لا يسمع ولا يدرك، وهو يتنفس وقلبه يعمل بشكل طبيعي، وقد قرر أخصائي المخ أنه بسبب السكتة القلبية المذكورة حصل للمريض تلف وموت في خلايا المخ التي تقوم بالوعي والإحساس عند الإنسان، وهو الجزء الأعلى من المخ، أما الجزء الأسفل من المخ والذي يحتوي على مراكز التنفس والقلب فلا يزال حيا، ويعمل بشكل طبيعي عند هذا المريض، والمريض الآن تحت العناية الطبية، ويعمل له تحاليل مستمرة ويعطى ما يحتاج من مغذيات وأدوية، وهذا المريض يمكن أن يبقى على هذه الحالة مدة طويلة، ولكنه معرض أكثر من غيره للالتهابات الخطرة والجلطة الدموية وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى السكتة القلبية ثم الوفاة بإذن الله، وقد أوعز الأطباء إلى الممرضات أن لا تستدعى له فرقة الإنعاش الرئوي لو حصل له سكتة قلبية.
وقبل عدة أيام أصيب بفشل حاد في كليته الوحيدة، وعملنا له ما يلزم عمله من تنظيم السوائل التي تعطى له والأدوية التي يحتاجها، والكلى وظيفتها ترشيح الدم واستخلاص المواد السامة منه وإفرازها بولا؟ ولهذا فإنه إذا استعصى فشل الكلية فلابد من عمل غسيل للدم، وذلك بواسطة جهاز يوصل فيه شريان ووريد من أحد أطراف المريض، ويعمل عوضا عن الكلية، وقد كتب الأخصائيون في ملف المريض: إنهم لا يرون إجراء ذلك له إن احتاج إليه، وهذا يعني: تركه يتعرض لما يعلم طبيا أنه يؤدي إلى الوفاة، لكن المريض قد عادت كليته للعمل الطبيعي ولله الحمد، ولم يحتج لغسيل الدم، ولكنه معرض لأن تحصل له المشكلة نفسها مرة أخرى، وقد يحتاج إلى غسيل الدم، وربما لا يعارض الأطباء عمل غسيل الدم له في حالة فشل الكلية الحاد- أي: الذي يكون وقتيا وشفي منه المريض- ولكن فشل الكلية قد يتطور إلى فشل مزمن، أي: يصبح المريض غير مستغن عن غسيل الدم طالما عاش، وغسيل الدم قد يستغرق بضع ساعات، ويلزم عمله عادة مرتين أو ثلاثا أو أكثر في كل أسبوع، ويحتاج إلى أجهزة وجهود طبية قد يرى الأطباء أنه لا ينبغي بذلها مع هذا المريض المغمى عليه، والذي يعيش- كما يقولون- عبئا على غيره، ويعلم طبيا أن حالته لن تتحسن عما هو منه.
وبوجه عام، قد يسألنا الأطباء الذين نعمل معهم عن حكم ديننا في هذه الأمور، فلا يجدون عندنا جوابا، وهذا يبين ضرورة فهم علمائنا حفظهم الله لمثل هذه المسائل الطبية، وضرورة فهمنا معشر الأطباء المسلمين لحكم ديننا فيها.
س 3: في بعض الحالات يعاني المريض من آلام شديدة لا تنفع معها الأدوية التي تعطى عادة لتخفيف الألم، مثل (الباندول، أو الإسبرين) فيضطر الطبيب إلى إعطاء دواء (المورفين) الذي يؤثر على المخ فيقلل من حساسيته، فلا يشعر المريض بالألم، وهو دواء منوم ويسبب اضطرابا في مزاج المريض، كما أن المريض يصاب بإدمان إذا أعطي جرعات كثيرة منه حتى أن بعض المرضى يبدأ بالتظاهر بالألم ويتشكي للطبيب لكي يحصل على جرعات من هذا الدواء.
ودواء آخر يسمى (البثدين) يشبه المورفين في تأثيره على المخ، ولكنه أقل منه قوة، ولا يكفي في تخفيف الألم عن المريض.
وهذان الدواءان يستعملان كثيرا في حالة الجلطة القلبية للمرضى، قبل إجراء العمليات وبعدها لتهدئة نفسية المريض، وتخفيف ألمه، فهل هذه الأدوية تعتبر من المسكرات المحرمة شرعا، وما حكم استعمالها عند الضرورة أو عند الحاجة؟
س 4: ذكرت في السؤال السابق أنه في بعض الحالات يعاني المريض من آلام شديدة، ويحتاج إلى العلاج بالمورفين أو البثدين لتخفيف الآلام، وبعض حالات سرطان الرئة المنتشر يكون التنفس عند المريض ضعيف جدا، ومعلوم أن النفس يعمل تبعا لمركز في المخ، يسمى مركز النفس، والأدوية المذكورة لها تأثر خاص على هذا المركز، حيث تقوم بتثبيطه، فالطبيب إن أعطى كمية قليلة من هذا العلاج بحيث لا يؤدي إلى تثبيط مركز التنفس فقد لا يكف لتخفيف الألم، فإن زاد الكمية، فإن احتمال توقف نفس المريض يزداد؛ لأن نفسه ضعيف وعلى وشك أن يتوقف بسبب مرضه الأصلي، والمريض يتعذب بما يعاني من آلام قاسية، وحسب خبرة الأطباء بأن هؤلاء المرضى عادة يموتون- بإذن الله- بعد مدة قد لا تتعدى بضعة أسابيع، والأطباء يختلفون، فبعضهم يعطي المريض المورفين ويقول: كون المريض يموت مرتاحا ولو كان هذا الدواء هو السبب في وفاته إلى حد ما؟ أفضل من كونه يتعذب بآلامه ثم يموت بعد ذلك. وبعضهم يمنع ذلك، فما هو الأولى من الناحية الشرعية؟
وفي الختام ألخص المسائل المطلوب معرفة حكمها بما يلي:
1- ما حكم عمل الإنعاش القلبي الرئوي عند حدوث سكتة قلبية في مثل حالة المريض المذكور في السؤال الأول والثاني؟
2- ما حكم عدم غسيل دم للمريض المذكور في السؤال الثاني في حالة احتياجه إليه عند حدوث فشل حاد أو مزمن في كليته؟
3- ما حكم استعمال (البثدين) أو (المورفين) وهي أدوية ذات تأثير مسكر عند الضرورة أو عند الحاجة، كما ذكر في السؤال الثالث؟
4- ما حكم استعمال الأدوية المذكورة في مثل الحالة المذكورة في السؤال الرابع؟
هذا وإننا لنقع في حرج حينما يقرر الأخصائيون أمرا للمريض، نخشى أن يكون محرما شرعيا، وليس بأيدينا منعهم، وليس عندنا حكم شرعي نقنعهم به، والحمد لله الذي هيا لنا من علمائنا من يعلموننا أمور ديننا ويبلغوننا حكم الله فيها، وجزاكم الله عنا خيرا، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ج: أولا: في الحالة الأولى: تستدعى فرقة الإنعاش لإنقاذ المريض باستعمال جهاز الإنعاش القلبي الرئوي إذا رجي طبيا شفاؤه باستعماله من السكتة القلبية.
أما إذا كانت السكتة تزول عند استعمال جهاز الإنعاش، وتعود عند رفعه فلا يستعمل؛ لأنه تبين أن المريض قد مات.
ثانيا: في الحالة الثانية: يجرى له ما تقدم في الحالة الأولى، بالإضافة إلى ما استدعته حالة المريض في الحالة الثانية من استعمال الغسيل له إذا كان عمله مما ينقذه في نظر الطب، والأخذ بالأسباب في سنة الله الكونية.
ثالثا: إذا لم يعرف مواد أخرى مباحة تستعمل لتخفيف الألم عند المريض سوى هاتين المادتين جاز استعمال كل منهما لتخفيف الألم عند الضرورة، وهذا ما لم يترتب على استعمالهما ضرر أشد أو مساو كإدمان استعمالهما.
رابعا: لا يجوز إعطاؤه ذلك رغبة في راحته لتعجيل وفاته. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي
عضو: عبد الله بن غديان
عضو: عبد الله بن قعود
الفتوى رقم (12086).
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي: مدير فرع الشئون الدينية بالشمالية الغربية عن طريق: مدير إدارة الشئون الدينية للقوات المسلحة، والمحال إلى اللجنة من إدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم (1508) وتاريخ / 1409هـ وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه:
ورد إلينا شرح ضابط التوعية الإسلامية بمستشفى القوات المسلحة بالشمالية الغربية، بتاريخ / 1409 هـ، المبني على خطاب نائب رئيس الأطباء بمستشفى القوات المسلحة بالشمالية الغربية، المؤرخ في / 1409هـ والذي يطلب فيه فتوى حول عدم تنفيذ إجراءات الإنعاش في النقاط والأحوال التي ورد ذكرها في دليل سياسة العمل والإجراءات المرفقة، نأمل من فضيلتكم التكرم باتخاذ ما ترونه لإصدار فتوى بجواز هذه النقاط من عدمها، وإشعارنا ليتم على ضوء ذلك العمل بموجبه في مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة الشمالية الغربية. هذا والله يحفظكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا والحالات التي وردت في دليل سياسة العمل والإجراءات هي التالية:
أولا: إذا وصل المريض متوفى.
ثانيا: إذا كان ملف المريض مختوما بعلامة عدم عمل إجراءات الإنعاش بناء على رفض المريض أو وكيله في حال عدم صلاحية المريض للإنعاش
ثالثا: إذا قرر ثلاثة أطباء أن من غير المناسب إنعاش المريض عندما يكون من الواضح أنه يعاني من مرض مستعص غير قابل للعلاج، وأن الموت محقق.
رابعا: إذا كان المريض في حالة عجز أكيد عقليا أو جسميا أو كليهما، وفي حالة خمول ذهني مع مرض مزمن مثل السكتة الدماغية المسببة للعجز أو مرض السرطان في مرحلة متقدمة أو مرض القلب والرئتين المزمن الشديد أو أمراض الهزال وتكرار توقف القلب والرئتين.
خامسا: إذا وجد لدى المريض دليل على الإصابة بتلف في الدماغ مستعص على العلاج عقب تعرضه لتوقف القلب والرئتين لأول مرة.
سادسا: إذا كان إنعاش القلب والرئتين غير مجد وغير ملائم لوضع معين حسب رأي الأطباء الحاضرين، فإن رأي المريض الذاتي لا يهم، والأطباء غير ملزمين بإجراء إنعاش القلب والرئتين ولا يحق لذوي المريض طلب هذا النوع من العلاج إذا كان غير مجد.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي:
أولا: إذا وصل المريض إلى المستشفى وهو متوفى فلا حاجة لاستعمال جهاز الإنعاش.
ثانيا: إذا كانت حالة المريض غير صالحة للإنعاش بتقرير ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات- فلا حاجة أيضا لاستعمال جهاز الإنعاش.
ثالثا: إذا كان مرض المريض مستعصيا غير قابل للعلاج، وأن الموت محقق بشهادة ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات- فلا حاجة أيضا لاستعمال جهاز الإنعاش.
رابعا: إذا كان المريض في حالة عجز، أو في حالة خمول ذهني مع مرض مزمن، أو مرض السرطان في مرحلة متقدمة، أو مرض القلب والرئتين المزمن، مع تكرار توقف القلب والرئتين، وقرر ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات ذلك- فلا حاجة لاستعمال جهاز الإنعاش.
خامسا: إذا وجد لدى المريض دليل على الإصابة بتلف في الدماغ مستعص على العلاج بتقرير ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات- فلا حاجة أيضا لاستعمال جهاز الإنعاش، لعدم الفائدة في ذلك.
سادسا: إذا كان إنعاش القلب والرئتين غير مجد، وغير ملائم لوضع معين حسب رأي ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات- فلا حاجة لاستعمال آلات الإنعاش، ولا يلتفت إلى رأي أولياء المريض في وضع آلات الإنعاش أو رفعها، لكون ذلك ليس من اختصاصهم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي
الفتوى رقم (12762)
س: إن الله- سبحانه وتعالى- قد رزقني بمولود في تاريخ / 1410هـ ولكن قدرة المولى- عز وجل- جعلت ذلك المولود يصاب بمرض في المخ، تضاعف حتى أتلف خلايا التنفس في المخ حسبما أسماه الأطباء، وقد قمت بسؤال الأطباء عن سبب ذلك المرض إلا أنهم أجابوني أنها حالة طبيعية، وقد تحدث لبعض الحالات، كما أنه وللأسف لا يوجد علاج لمثل هذه الحالة إلا أن يشاء الله، وهذا أيضا ما أفاد به الأطباء.
فضيلة الشيخ: إن الطفل تحت التنفس الصناعي، ولو سحب منه ذلك الأكسجين سوف يتوفى بعد مدة عشر دقائق، وكل شيء بيد الله وعنده علمه، كما أفيد فضيلتكم أن الأطباء في المستشفى قد سمحوا لي أن أشاهد ذلك على الطبيعة، وفعلا سحبوا الأكسجين عن الطفل فلم يتنفس نهائيا، وعندما أعادوا عليه الأكسجين عادت إليه الحياة بتنفس غير طبيعي. صاحب الفضيلة: أصبحنا بفعلنا هذا نكافح قدرة الله (الموت) الذي هو حق فرضه الله على كل حي، صاحب الفضيلة: سؤالي هو: إنني حاولت في خروج الطفل من المستشفى على مسئوليتي، سواء أن يحيى أو يموت، ولكن مخافتي أن يلحقني إثم في إخراجي له وتسببي في وفاته إن قدر الله له الموت، فهل يجوز لي أن أخرجه مهما كلف الأمر من حياة أو موت؟ أم أبقيه في المستشفى تحت التنفس الصناعي؟ فضيلة الشيخ: أرجو إفادتي أفادكم الله مع حامل رسالتي إليكم إفادة خطية. هذا وجزاكم الله خير الجزاء إنه على كل شيء قدير، والله يرعاكم.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا مانع من نزع الجهاز التنفسي عن ولدك إذا قرر طبيبان فأكثر أنه في حكم الموتى، ولكن يجب أن ينتظر بعد نزعها منه مدة مناسبة حتى تتحقق وفاته. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي
عضو: عبد الله بن غديان
استعجال موت المريض طلبا لراحته
الفتوى رقم (19165)
س: أستفتيكم بإذن الله في موضوع قد عرض لي في برنامج طبي كنت أستمع إليه، وهو: هل يجوز للمريض الذي لا يرجى أمل في شفائه أن يطلب الموت، وهل يلبى طلبه تخفيفا من الألم الذي يتعرض له؟ وقد قال المتحدث: إن مريض السرطان مثلا الذي لا يرجى شفاؤه من الأفضل له أن يموت، فهل يجوز أن يلبى طلب المريض ونقتله تخفيفا من ألمه وعذابه المستمر؟ وقد تكلم المتحدث عن كتاب يسمى: (الحقوق)، فقال: إن من حق الإنسان أن يحدد متى تنتهي حياته إذا كان في حياته تعذيب وألم له ولغيره، فما رأي الدين في هذا الأمر؟ جزاكم الله خيرا.
ج: يحرم على المريض أن يستعجل موته سواء بطريق الانتحار أو بتعاطي أدوية لقتل نفسه، كما يحرم على الطبيب أو الممرض أو غيره أن يلبي طلبه، ولو كان مرضه لا يرجى برؤه، ومن أعانه على ذلك فقد اشترك معه في الإثم؛ لأنه تسبب في قتل نفس معصومة عمدا بلا حق، وقد دلت النصوص الصريحة على تحريم قتل النفس بغير حق، قال الله تعالى: سورة الأنعام الآية 151 {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} وقال تعالى: سورة النساء الآية 29 {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} سورة النساء الآية 30 {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رواه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أحمد 2/ 254، 478، 488- 489، والبخاري 7/ 32، ومسلم 1/ 103- 104 برقم (109) واللفظ له، وأبو داود 4/ 204 برقم (3872) ببعضه، والترمذي 4/ 386 برقم (2043، 2044)، والنسائي 4/ 67 برقم (1965)، وابن ماجه 2/ 1145 برقم (3460) ببعضه من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأبها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا متفق عليه.
وعن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح مسلم الإيمان (212)، مسند أحمد بن حنبل (1/290). من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة رواه الجماعة، وعن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3276)، صحيح مسلم الإيمان (113). كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمنى الإنسان الموت لضر أصابه، في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحمد 3/ 104، 171، 195، 208، 247، 281، والبخاري 7/ 10، 155 ومسلم 4/ 2064 برقم (2680)، وأبو داود 3/ 480، 481 برقم (3108، 3109)، والترمذي 3/ 302 برقم (971)، والنسائي في (السنن) 4/ 3 برقم (1820، 1821) وفي (عمل اليوم والليلة) ص/ 574، 575، برقم (1057، 1059، 1061)، وابن ماجة 2/ 1425 برقم (4265). لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي أخرجه البخاري ومسلم، وهذا لفظ البخاري، وأخرج البخاري أيضا بلفظ آخر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صحيح البخاري المرضى (5349). لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب.
فإذا كان الإنسان منهيا عن مجرد تمني الموت وسؤال الله ذلك، فإن إقدام الإنسان على قتل نفسه أو المشاركة في ذلك تعد لحدود الله وانتهاك لحرماته؛ لأن فعل ذلك ينافي الصبر على أقدار الله، وفيه اعتراض على قضاء الله وقدره، وجزع من ذلك الذي اقتضت حكمته أن يبتلي عباده بالخير والشر امتحانا واختبارا لعباده، قال تعالى: سورة الأنبياء الآية 35 {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} وقد يبتلي الله بعض عباده بالمرض، وهو الحكيم فيما يفعل، العليم بما يصلح عباده، ويكون في ذلك خير له وزيادة في حسناته وقوة في إيمانه، وقرب من الله سبحانه باستكانته وتضرعه وخضوعه لله سبحانه وتوكله عليه ودعائه له، فينبغي للإنسان إذا أصيب بأحد الأمراض: أن يحتسب الأجر في ذلك ويصبر على ما أصابه من البلاء، فإن من أنواع الصبر، الصبر على البلاء حتى يفوز برضا الله سبحانه عنه، وزيادة حسناته ورفع درجاته في الآخرة، ويدل لذلك ما رواه صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح مسلم الزهد والرقائق (2999)، مسند أحمد بن حنبل (4/332)، سنن الدارمي الرقاق (2777). عجبت من أمر المؤمن، إن أمر المؤمن كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان ذلك له خير، وإن أصابته ضراء فصبر فكان ذلك له خير. أخرجه الإمام مسلم في (صحيحه)، والإمام أحمد في (المسند)، وهذا لفظ الإمام أحمد.
وقوله تعالى: سورة الحج الآية 35 {وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ} وقوله تعالى: سورة البقرة الآية 155 {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} سورة البقرة الآية 156 {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} وقوله تعالى: سورة الأحزاب الآية 35 {وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ} إلى قوله تعالى: سورة الأحزاب الآية 35 {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} وما رواه أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنن الترمذي الزهد (2396). إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط أخرجه الإمام الترمذي في (جامعه)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه.
وما رواه مصعب بن سعد عن أبيه- رضي الله عنهما- قال: أحمد 1/ 172، 174، 180، 185، والترمذي 4/ 601- 602 برقم (2398)، وابن ماجه 2/ 1334 برقم (4033)، والدارمي 2/ 320، وابن أبي شيبة 3/ 233، وأبو يعلى 2/ 143 برقم (830)، والطيالسي 1/ 174 برقم (212) ت: محمد التركي، وابن حبان 7/ 160، 161، 184 برقم (2900، 2901، 2920، 2921)، والبزار (البحر الزخار) 3/ 349، 353 برقم (1150، 1154، 1155)، والحاكم 1/ 41، والدورقي في (مسند سعد بن أبي وقاص) ص/ 87، 89 برقم (41، 42)، والبيهقي في (السنن) 3/ 372- 373، وفي (الشعب) 17/ 286 برقم (9318) ط: الهند، والبغوي 5/ 244 برقم (1434) قلت: يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة شدد عليه في البلاء، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنن الترمذي الزهد (2399)، مسند أحمد بن حنبل (2/450). ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة أخرجه الترمذي.
وعلى ذلك يحرم على الإنسان المبتلى بأحد الأمراض أن يسعى في قتل نفسه؛ لأن حياته ليست ملكا له، وإنما هي ملك لله الذي قدر الأقدار والآجال؛ ولأن العبد. بموته تنقطع أعماله، وحياة المؤمن التي يعيشها يرجى له خير منها، فلعله أن يتوب إلى الله سبحانه مما مضى من ذنوبه، ويتزود من الأعمال الصالحات من صلاة وصيام وزكاة وحج وذكر ودعاء لله سبحانه وقراءة قرآن، فيرتقي بذلك أعلى الدرجات عند الله، كما أن المريض يكتب له أجر ما كان يعمله في زمن صحته، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة.
أما أولئك الذين يرون أن يلبى طلب المريض في قتل نفسه ويعينونه على ذلك من أطباء وغيرهم- فإنهم آثمون بذلك، ونظرتهم قاصرة، ويدل ذلك على جهلهم؛ لأنهم ينظرون إلى حياة الإنسان وبقائه من جهة أن يكون ذا قوة حيوانية ذا سلطة وأشر وبطر، ولا ينظرون من حياته أن يكون متصلا بربه متزودا بالأعمال الصالحة، قد رق قلبه لله وخضع واستكان وتضرع بين يديه سبحانه وتعالى، فكان أحب وأقرب إلى الله ممن تجبر وطغى واستغل قوته الحيوانية فيما يغضب الله. كما أن الله سبحانه قادر على شفائه وما يكون اليوم مستحيلا في نظر البشر قد يكون ميسورا علاجه مستقبلا بقدرة الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس: عبد العزيز آل الشيخ
عضو: عبد الله بن غديان
عضو: صالح الفوزان
عضو: بكر أبو زيد