أمهات دور المسنين رد الجميل أم عمر ضائع ؟!
منقول من المقال
وفي لقاء لـ"حواء" مع د.عزت حجازي، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أوضح أن بيان إحصاء الوزارة بعدد دور المسنين، لم يشمل إلا المرخصة منها فقط، وأن هناك دور تنتظر الترخيص، وأخرى لم تقدم عليه بعد، فبحسب المسح الميداني للدراسات التي أجريت منذ ثلاث سنوات ماضية، بلغ إجمالي عدد الدور المرخصة وغير المرخصة 175داراً، تقدر حالياً بما لا يقل عن 200 دار.
وأضاف أن ارتفاع نسبة السيدات المقيمات في دور المسنين، تعود إلى طول أعمار النساء عن الرجال بشكل عام، ومن ثم زيادة عدد السيدات المترملات عن الرجال، ولكون المرأة كائن ضعيف، فإن وجودها بمفردها دون أولاد غير مألوف لدى المجتمع، ويمثل خطورة عليها، على عكس المترملين من الرجال، والذين يملكون القدرة على العيش بمفردهم.
مفهوم دور المسنين
وقال د.عزت حجازي، إن دار المسنين مؤسسة مهمة، وأنه من الخطأ تصويرها عاراً، أو إيواء لمن لم يجدوا إيواء، حيث يأتي مفهوم دار المسنين في الدول المتقدمة، من المكان الذي يحفظ للإنسان كرامته، ويوفر له سبل العيش المتكاملة، من ثقافة وترفيه وعبادة وحركة وعلاج، وهوما لم يتوفر لدينا، ومن ثم تفتقد دور المسنين في مصر إلى المواصفات العالمية والوزارية لإنشاء الدور، وإلى الجهاز الوظيفي المتكامل بها، من طيب خاص بطب المسنين نفسي وعضوي، وأخصائي اجتماعي، وأخصائي تغذية، ممن يقدمون خدمة إنسانية راقية، تليق بآدمية الإنسان المسن.
فيما وصف إقامة أحد الوالدين مع الابن أو الابنة بالأزمة الكبيرة، وأن الأسباب التى يلجأ على إثرها المسن لدور المسنين هي قسوة ظروف الحياة على الأبناء، واختلاف قلوبهم عما كانت عليه في الماضي، فعندما يتزوج الابن تأتى رغبة زوجته في حياة أكثر خصوصية، وبإنجاب الأبناء، يصبح وجود الأم نشاذاً، يحاول بعض الأبناء مقاومته، لكنه يرضخ في الغالب، علي عكس ما كان يحدث في الماضي، حيث الابن يتزوج من محيط العائلة لقيام الزوجة على خدمة الأم ورعايتها.
وتختلف نظرة المسنات عن مدى رضائهن للإقامة في دور المسنين، باختلاف حياتهن قبل الالتحاق بها، فالمسن دائم المقارنة بين حياته في الدار وما قبل التحاقه بها، حيث كشفت الدراسات المسحية أن هناك نزلاء راضون عن الإقامة بها، ما يدلل علي أن البديل كان سيئاً جدا، فأغلبهم متواضعو الحال، كانوا يعاملون معاملة قاسية من الابن أو زوجته أو الشقيق، حتى أنهم يلقون بهم إلي الشارع، وبخاصة نزلاء الدور المجانية. بينما مسنات ستظل طوال عمرها غير راضية عن الإقامة بالدار، ويتمنين العيش خارجها، ما يفسر أن حياتهن مع الأبناء كانت طبيعية قبل الالتحاق بالدار، فقط لم تسنح لها الفرصة التواجد وسط الأبناء، لشعورها بأنها شخص غير مرحب به.
وتابع د.عزت أن الدراسة، أعلنت أن كثيراً منهم يعانون الانقطاع عن الحياة الطبيعية بدخولهم الدار، لانقطاع زيارة الأقارب عنهم، ما يعني أنهم مهما حصلوا من خدمة ممتازة في الدار، فإن شيئاً مهماً ينتقصهم، والكارثة أن الكوادر الوظيفية غير مدربة على تعامل كبار السن، ومن هنا يشعر المقيم بالدار بالجفاء.
وأنهى د.عزت حديثه مؤكداً أن نسبة الحالات المقيمة بدور المسنين قليلة جدا، مقارنة بمن هم في حاجة إلي الإقامة بها، نتيجة لعدم تغطية الأحياء الفقيرة والريفية بدور مسنين، وشدد على أن المستقبل لدخول دور المسنين، ما يستدعى إنشاء دور أخرى أكثر بكثير مما عليه الآن لاستيعاب العدد، حيث بلغت نسبة تمثيل المصريين المسنين الآن6.5% ، أو 7% تقريباً من التعداد السكاني، بعد أن كانت تمثل 4% فقط في الآونة الماضية، ما يشير إلى ارتفاع نسبة تعمر المجتمع في مصر بشكل مستمر.