زواج الونس يتحدى حاجز العمر
خبر صحفي منقول[1]
جريدة الشرق الأوسط - الاربعـاء 08 جمـادى الاولـى 1424 هـ 9 يوليو 2003 العدد 8989
زواج الونس يتحدى حاجز العمر
الزوجة فوق الخمسين والزوج فوق الستين واللقاءات تتم من خلال الرحلات والندوات من دون احراج
القاهرة: احمد عبد المنعم
أزواج وزوجات ذاقوا مرارة الوحدة وعاشوا أيامها بين جدران منازلهم التي فارقها الأبناء، ما بين مسافر لاحدى البلاد التي يعمل بها، وبين متزوج ومشغول في حياته، أو ابن مهاجر تفصله عن أبويه آلاف الأميال، وبين ابناء اتسموا بالعقوق لأبائهم وأمهاتهم ورفضوا الاهتمام بهم في شيخوختهم، والمشكلة قد تهون اذا كان الأب والأم يعيشان معاً ويؤنسان وحدة بعضهما البعض، ولكن تزداد المشكلة حدة، اذا رحل أحدهما تاركاً الآخر يواجه ظلمة الحياة بلا أنيس، وفي القاهرة تبنت إحدى الجمعيات الأهلية مشروع زواج كبار السن الذين ينتمون لهذه النوعية ويعانون آلام الوحدة، ورفعت له شعار «زواج الونس». ذهبنا الى «الجمعية المصرية لتدعيم الأسرة» صاحبة المشروع، والتقينا رئيسة مجلس ادارتها الدكتورة سوسن عثمان استاذة علم الاجتماع فقالت: للجمعية عدة نشاطات هامة للمجتمع المصري وموضوع الزواج ليس بجديد على الجمعية التي اهتمت بالتوفيق بين الشباب والفتيات الراغبين في الزواج، كما نهتم بالمسنين وأصحاب المعاشات ونقدم لهم خدمات وأنشطة ترفيهية لشغل أوقات فراغهم فنقيم لهم حفلات، ورحلات لأماكن مختلفة، لكننا وجدنا ان هؤلاء المسنين في حاجة الى الونس والرعاية بعد عودتهم الى منازلهم وبخاصة انهم في سن حرجة وقد يمرض أحدهم في فترة الليل أو المساء دون أن يجد من يسأل عنه أو يسعفه، ولهذا فكرنا في زواج الونس الذي نجمع فيه بين أزواج كبار في السن يكونون متوافقين في كافة النواحي الاجتماعية والثقافية والمادية، ووضعنا شروطا لهذا الزواج، أولها ألا يقل عمر العروس عن 50 سنة والعريس 60 سنة أو أكثر، في البداية لم تلق الفكرة أي تشجيع من الطرفين لانها غريبة على مجتمعاتنا العربية التي ترى في زواج كبار السن كارثة اجتماعية، وينظر لها الابناء وكأنها فضيحة لهم، رغم انها شيء عادي وطبيعي في الغرب، وبالتدريج بدأ اعضاء الجمعية يقتنعون بالفكرة وبخاصة مع ارتفاع اعداد الارامل من الرجال والنساء الذين فقدوا شريك الحياة في رحلة العمر وتتاح الفرصة للمسنين باللقاء دون أي تخطيط مسبق من جانبنا أو جانبهم ولكننا نتيح لهم اللقاء من خلال الندوات والرحلات التي تنظمها الجمعية والتي من خلالها يحصل كل طرف على فرصة لفهم الآخر ودراسته من دون أي احراج لكليهما، واذا حدث القبول فإن المسن يلجأ لادارة الجمعية طالبا الزواج من المرأة التي يراها مناسبة له، فنعرض عليها الأمر، فاذا وافقت نقيم حفلة بسيطة لهما في الجمعية بعد ان نترك لهما فرصة تحديد متطلبات كل منهما من الآخر، والحمد لله أتمت الجمعية عشرات الزيجات من مشروع زواج الونس، وكلها زيجات ناجحة.
وتؤكد الدكتورة سوسن عثمان ان هناك مشكلة تواجه الجمعية وتتسبب في قلة عدد الزيجات، وهي زيادة عدد النساء المسنات بالمقارنة بالرجال، وهو ما دفعنا لتبني مشروع «الونيس» وهو نظام يعتمد على استضافة إحدى المسنات لزميلة لها أو أكثر حسب رغبتها لتؤنس وحدتها في منزلها.
وكان لنا لقاء مع اثنين من المتزوجين ضمن هذا المشروع، رفضا ذكر اسميهما، وقالا: لم نفعل شيئا غريبا أو حراما، ولكن عادات المجتمع فقط ترفض ارتباط كبار السن رغم ان الشرع حلل الزواج في أي سن، وزواجنا قائم على المحبة والاحترام والحاجة الى الونس والرعاية، وبخاصة أننا وجدنا أنفسنا بعد كل هذه السنين الطويلة وبعد رعايتنا لأبنائنا نعيش دون أن نجد من يسأل عنا من الأبناء، وبخاصة بعد رحيل شريك العمر بالنسبة لكلينا، ورفضنا ان نقول اسماءنا ليس من قبيل الخوف ولكن حتى لا نثير غضب الابناء الذين لم يعترضوا على الفكرة كما انهم لم يرحبوا بها. ونحن نعيش في هدوء وسعادة، ونقضي أوقاتنا ما بين النادي والجمعية التي نلتقي فيها بأصدقائنا، وبين مشاهدة التلفزيون، فمن في عمرنا لا يحتاج إلا للاهتمام، والاحساس بأنه ما زال على قيد الحياة.