ندوة مركز "الخليج" للدراسات تناقش وسائل رعاية كبار السن

من ويكيتعمر
مراجعة 12:58، 31 أغسطس 2016 بواسطة Ashashyou (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' منقولة لعدم فقدان المقال الأصلي من رابط http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/5f90282f-6da7-4746-9755-7d3abdf2120c ندوة مرك...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

منقولة لعدم فقدان المقال الأصلي من رابط http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/5f90282f-6da7-4746-9755-7d3abdf2120c


ندوة مركز "الخليج" للدراسات تناقش وسائل رعاية كبار السن المصدر : (أدارها: د . محمد الفارس / أعدها للنشر: هاني عوكل) تاريخ النشر: 04/04/2011 استمع تختلف الشعوب حسب عاداتها وتقاليدها وموروثاتها في تحديد السن التي يعد فيها الإنسان مسناً، كما أن سنوات العطاء لأي إنسان تختلف أيضاً من مجتمع لآخر، فمعظم الدول العربية تحيل موظفيها إلى التقاعد في سن الستين، وطبقاً لذلك يعد من بلغ الستين في معظم المجتمعات العربية شخصاً مسناً، بينما يعد سن الستين وما بعدها في كثير من المجتمعات الصناعية، سن تراكم الخبرات والنضوج الفكري والقرار السليم، لذا نجد معظم الرؤساء ورؤساء الوزارات والمسؤولين الكبار ومديري الشركات الكبرى في تلك الدول في سنوات الستينات والسبعينات .

وطبقاً لهذه المفاهيم المتوارثة في عالمنا العربي، يتوارى كثير ممن بلغوا السبعين أو ما بعد هذا السن عن الأنظار في عزلة اختيارية أو إجبارية تفرضها طبيعة الحياة في وقتنا الحالي، وتكبر المشكلة عندما يعاني أحد كبار السن مرضاً مزمناً أو إعاقة جسدية، حيث يصبح طوق العزلة والوحدة أكبر حجماً، ولذلك أوصانا الله سبحانه وتعالى في كثير من الآيات القرآنية ببر الوالدين والإحسان لهم في كبرهم، كما أوصانا بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا السبب، يحرص الكثيرون على إنجاب المزيد من الأبناء حتى يجدوا من يقف إلى جانبهم في سنوات الكبر، لكن الأحوال تغيرت كثيراً في وقتنا الحاضر، حيث يجد الكثير من الآباء والأمهات أنفسهم وحيدين منعزلين لانشغال أبنائهم عنهم، أو لبعدهم في أماكن إقامة بدول أو مناطق أخرى بعيدة، ونسمع الكثير من القصص المحزنة عن عقوق وإهمال لأحد الوالدين أو كليهما، وفي السنوات الأخيرة بدا هناك نوع من الاهتمام من قبل المسؤولين عن هذه الفئة من المجتمع، من خلال تأسيس دور المسنين واستراحات لإيواء المسنين ممن لا عائل لهم، أو ممن يعانون أمراضاً تحتاج إلى رعاية دائمة، أو بلغوا أرذل العمر ولا يجدون من يرعاهم، كما استحدثت خدمات جديدة من خلال الرعاية المنزلية التابعة لبعض دور المسنين .

لقد رأى مركز الخليج للدراسات بدار الخليج ضرورة مناقشة الكثير من الجوانب التي تعنى بالمسنين، فدعا نخبة من المسؤولين المتخصصين للمناقشة وتبادل الآراء من خلال ندوة عن المسنين بالإمارات ضمن المحاور الآتية:

- المحور الأول: دور المسنين في الدولة، عملها وإمكانياتها وعددها، ومجال رعايتها سواء بالعلاج أو غيره، والضوابط التي تحكم مسألة إيواء المسنين، ودور المؤسسات الحكومية والوزارات ورجال الأعمال والجمعيات الخيرية في مسألة الرعاية والرعاية المنزلية كجانب جديد من جوانب الرعاية .

- المحور الثاني: دور الإعلام من خلال المحطات التلفزيونية والإذاعية والصحف ورجال الدين بالتوعية بالجانب الديني الذي يحض على الإحسان لكبار السن سواء كانوا والدين أو غيرهما، وهل يؤدي الإعلام دوره بشكل كافٍ، وتأثير الحياة الحالية بمشاغلها وتعقيداتها في الروابط الاجتماعية بين الآباء والأبناء والتعامل بشكل عام مع كبار السن؟

- المحور الثالث: كيفية سد النقص في بعض الجوانب التي يعانيها المسنون مثل الفقر، وعدم وجود أبناء، وانحسار التكافل الاجتماعي والتواصل بين الأقارب والجيران .

  • محمد الفارس:

يتحسر الكثير من الناس على الماضي بكل إيجابياته وسلبياته، فالماضي الذي يرتبط في ذهن الكثيرين بالفقر والجهل كان يعني الترابط والتواصل بين أفراد العائلة الواحدة، وأبناء المجتمع بشكل عام، فالمنزل في مجتمع الإمارات في الماضي، كان يجمع جميع أفراد العائلة، الأعزاب والمتزوجين، وكان للوالدين مكانة مهمة على رأس العائلة، ويتربى الأبناء وأبناء الأبناء مع بعضهم، وينشؤون مشبعين بروح المحبة والتواصل، وما يسري على المنزل كان موجوداً أيضاً بين الأقارب والجيران في الأحياء السكنية، وكان لكبار السن في الحي حضور قوي، بين الناس وفي حل الخلافات وتقديم الاستشارات في شؤون الحياة وغيرها، أما في وقتنا الحاضر فقد انقلبت الصورة إلى النقيض، فعلى مستوى المنازل أصبح معظمها فنادق لسكانها المنعزلين في حياتهم وغرفهم الخاصة، ولم يعد هناك جيران إلا في ما ندر، أما كبار السن فقد أصبح معظمهم متوارين في أربعة جدران، وما يحزن أن هذا بات يشمل الوالدين في كثير من الأسر، حيث أصبح العقوق وإهمال الوالدين مسألة طبيعة، وأصبح مصير معظم هؤلاء بين الجدران أو المستشفيات ودور المسنين .

في هذه الندوة نتمنى أن نناقش ليس الدور الذي تقوم به دور رعاية المسنين فقط، وإنما واجب أبناء المجتمع تجاه هذه الفئات .

  • د . علي مشاعل:

هذه الندوة المباركة تعيدنا إلى تأصيلنا الشرعي والإنساني والفطري، وخاصة إذا عرفنا أن ديننا الإسلامي هو دين الفطرة، كما قال الله عز وجل فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم، وهذه الفطرة تجعل الإنسان يكرم أخاه الإنسان، وهذا هو الهدف الكبير الذي أكده الإسلام في العناية بالمسنين، وهو حماية الكرامة الإنسانية لديهم، وما زال ولا يزال المسن يتمتع بكامل الكرامة الإنسانية، بل ينال حظاً أوفر من العناية والرعاية، لأنه أحوج إليها .

الهدف الثاني هو هدف الكفاية المادية والرعاية الجسدية، ولاشك في أن الأسرة هي المحضن الأول للمحافظة على الكرامة الإنسانية، والذي نراه في العالم يختلف نوعاً ما في كثير من صوره، عندما لا توجد تلك العناية المطلوبة بكبار السن، وعندما لا يقدر إلا أهل القوة والذين يفرضون أنفسهم في المجتمعات، بينما نجد ديننا وإسلامنا أوصى بالكبار، ونجد أن أعظم الكبار حقاً على الإنسان هم والداه أو أصوله، سواء أكان الوالد المباشر أو الوالدة أو الجد أو الجدة، فأصل الإنسان هؤلاء الأب والأم وإن علوا، وفروعهم الابن والبنت وإن نزلوا، ولذلك نجد الآيات الكثيرة التي أوصى الله عز وجل فيها بالوالدين وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً، والمتأمل في مثل هذه الآيات يجد أن الإسلام لم يأمر بالعدل والإنصاف وفعل الخير مع الوالدين أو رد الجميل وما إلى ذلك، وإنما أمر بالإحسان، والإحسان في الإسلام درجة في قمة العطاء، إن الله كتب الإحسان على كل شيء، حتى في القتل، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته، إذاً هذا مقام الإحسان وهو أن يكون الإنسان متفضلاً حتى على الحيوان الذي أبيح شرعاً أن يذبحه، لينتفع به ويأكله، فكن محسناً ولا تكن عنيفاً قاسياً حتى في المباح، بل في ما أمرت به من تهيئة الطعام لنفسك، في ما أحل الله عز وجل، ولاشك في أن الإسلام رعى هذا الجانب رعاية كبيرة، وبين أهمية هذه المسؤولية، حتى الإنسان كما قلت، مطلق الإنسان سواء أكان مسلماً أم غير مسلم، إذ نجد الآية التي تتحدث عن بر الوالدين وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً، أي لو كان أبو الإنسان أو أمه كافراً غير مؤمن، وحرص أبوه وأمه على أن يوقعا ولدهما في الشرك والكفر، لم يبح الإسلام أن يؤذي والديه، هو يريد أن يوقع ابنه في الشقاء الأبدي وفي الكفر بحقيقة التوحيد والاعتراف بوحدانية الله تعالى، ومع ذلك من رحمة الله تعليمنا كيف نتعامل مع كبار السن، فلا تطعهما، أي لا تشرك بالله لأجلهما، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً .

  • ليلى الزرعوني:

رعاية المسنين في عجمان، هي مؤسسة اتحادية تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، أسست عام 1982 لإيواء كبار السن ممن لا عائل لهم، وهناك شرط واضح وهو أن المسن الذي نؤويه لا عائل له، أي ليس لديه أقارب من الدرجة الأولى، ولا نقبل المسنين من لديهم أبناء، وأثناء فترة الإيواء نقدم الخدمات الاجتماعية والنفسية والصحية، فضلاً عن كم كبير من الخدمات الترفيهية التي تشمل الرحلات والزيارات والمحاضرات التوعوية بأشكالها كافة . قبل عامين تقريباً، وتحديداً في ،2008 قمنا بافتتاح قسم الرعاية المنزلية، لرعاية المسنين أو كبار السن من لهم عائل، وهؤلاء موجودون مع أسرهم، وفرق العمل مكونة من اختصاصية علاج طبيعي واختصاصية اجتماعية بالإضافة إلى ممرضة ومعاونة، يذهبون إلى منزل المسن ويقدمون له كل الخدمات التي يحتاج إليها . من أهم شروط قبول كبار السن، أن يكونوا من مواطنين الدولة وأن يكونوا بلا عائل، وخالين من الأمراض المعدية، وشيخوختهم أعجزتهم عن تقديم العناية الشخصية بأنفسهم، لكن هناك حالات استثنائية قد تصلنا ولا نستطيع رفضها لحاجتها إلى خدماتنا .

أعمل في رعاية المسنين منذ خمسة عشر عاماً، وتدرجت من وظيفة مشرفة اجتماعية إلى مشرفة إدارية، ثم نائبة مدير إلى وظيفة مديرة مركز، والحقيقة أنه لم تمر علينا حالات عقوق والدين تم وضعهما في دار رعاية المسنين، لكن أذكر أنه في مرة من المرات، كتبت أم مسنة في إحدى دور رعاية المسنين في الدولة، قصيدة نظمتها لابنها، تشتكي فيها من أنه لم يزرها في دار المسنين ولم يخدمها، وطلبت من الطبيبة أن توصل القصيدة إلى ابنها بعد وفاتها، فاتصل بي أحد المسؤولين وقال لي إن هذه المسنة كانت موجودة في دار عجمان، لكنها لم تكن موجودة عندنا، ووقتها كنت أعمل في المركز، وهذا حدث قبل حوالي ثلاث سنوات .

  • محمد بكار بن حيدر:

هناك هموم كثيرة تتعلق بالأشخاص الممارسين لهذه المهنة، ودعونا نكون واقعيين أكثر، فهل هذه الحالات مثل التي تحدثت عنها الأستاذة ليلى لا توجد في دولة الإمارات؟ إذا تحدثنا عن عدم وجود مشكلات فنحن نظلم أنفسنا وبالتالي لا داعي لحلها، وحينما نتحدث عن فضل دور وبيوت الإيواء الموجودة والبرامج الرائدة في مثل هذه الأيام، مثل الرعاية المنزلية وغيرها من البرامج، فإننا نعترف بأن هناك مجالاً كبيراً للتصحيح، لكن اليوم نتحدث عن مجتمع سريع النمو وسريع التطور، مجتمع منطلق وترك، مع الأسف، الكثير من عاداته الحميدة والجيدة التي كانت تؤصل لعملية التجانس والترابط بين أفراد المجتمع، وركن إلى مبادئ أخرى، يتساءل الشخص المواطن والمقيم في مجتمع مسلم: ما الدور المنوط بعملية وجود دور رعاية المسنين؟ قديماً، كان الجميع متكافلاً ومتضامناً وكبار السن كانوا يتمتعون بخدمات في فريجهم ومساكنهم ومناطق تجمعاتهم، ولا أتحدث هنا عن 20 سنة وإنما أتحدث عن خمس إلى ست سنوات، إذ كانت هناك وحدة لكبار السن، لها منزل في منطقة معينة بإمارة دبي، وكان أهل المنطقة يذهبون إلى منزل كبار السن هذا، وتطبخ نساؤهم لهؤلاء، ويساعدونهم ويحضرون أزواجهم وأبناءهم لتمكين عملية التواصل الاجتماعي . هذه الصورة المثالية الموجودة في مجتمع الإمارات، لكنها مختلفة اليوم، والحقيقة أنني لم أجد معلومات عن عدد دور رعاية كبار السن في الإمارات . ما أريد أن أقوله إنني وجدت حالات صعبة تتعلق بالمسنين في مراكز كبار السن، وشاهدت بأم عيني رجلاً مسناً أحضرته ابنة أخيه، وكان يصرخ كثيراً ويعاني، ويعتقد بأنهم سيدفنونه كلما وضعوا عليه رداء، وتمنيت ألا أصل إلى هذه السن حتى لا أجد نفسي بمثل هذا الموقف، وعن اقتناع شخصي أفضل أن يموت الإنسان وهو في قوته .

نحن، مع الأسف، تخلينا عن بعض المبادئ ولا يمكن الحقيقة التخلي عن دور رعاية كبار السن، لأن هناك اليوم من يتخلى عن أقربائه، وفي المجتمع نجد من يتبرأ من أهله، والسؤال: هل تحسنت الخدمات التي لدينا؟ وهل المطلوب أكثر من ذلك؟ أقول نعم نحن بحاجة إلى خدمات أكبر على مستوى دولة الإمارات وتقدمها، وبالتالي يجب أن تكون دور المسنين الموجودة بالمستوى الذي يليق بوضع ومكانة المجتمع، ولابد أن ندرس احتياجات المسنين، لا أن نتعامل معهم بطريقة احتفالية، مثل أن نتذكرهم في كل احتفالية، ولذلك على المجتمع دور مهم في دمج هذه الشريحة المهمة . أحد الأشخاص من كبار السن حدثني بأنهم يأخذونهم في مراكز رعاية السن إلى أماكن لا يعرفها هؤلاء، وهذا يسبب مشكلات نفسية لهم، خصوصاً أنهم لم يتعودوا على مظاهر العمران الجديد، وبالتالي يجب تحديد احتياجاتهم مثل أخذهم إلى حدائق وأماكن تراثية .

  • خلود عبدالله آل علي:

أسست إدارة الرعاية المنزلية لكبار السن قسماً تابعاً لدار رعاية المسنين في الشارقة عام ،2003 وجاءتنا الفكرة من خلال الحوادث التي يتعرض لها كبار السن، سواء من هم مقيمون وحدهم أو المقيمون مع خدمهم، فضلاً عن المشكلات الاجتماعية والصحية التي كانوا يتعرضون لها، وفكرتنا تلخصت في إنشاء قسم يقدم الخدمات نفسها التي تقدم لكبار السن في دار الإيواء، بحيث تقدم هذه الخدمات لكبار السن في منازلهم، حفاظاً على كرامة المسن ولتاريخه الطويل، بأن يحصل على الخدمات في منزله .

خدماتنا في إدارة رعاية كبار السن محددة بثلاث خدمات، الأولى حيث نقدم خدمات اجتماعية، من تواصل وربط المسن بأقربائه، وقد تكون الخدمات الاجتماعية عبارة عن برامج ترفيهية وترويحية للمسنين، وأنشطة تقدم لهم خلال الرحلات، فضلاً عن الاحتفال بأعياد الميلاد لكبار السن، وأما الخدمات الثانية فهي طبية، ولدينا عيادة متنقلة مكونة من طبيب ممارس عام، وطبيب نفسي، وهناك ممرضون واختصاصيو علاج طبيعي، ويمكن جمع العينات المخبرية في المنازل، ثم إننا نقدم لكبار السن عناية الفم والأسنان، بموجب مذكرة تفاهم بيننا وبين جامعة عجمان، وهناك خدمات العلاج الطبيعي، وهناك مذكرة تفاهم بيننا وبين وزارة الصحة، وهي أن المسن المسجل في الرعاية المنزلية تصله الأدوية في منزله، بدلاً من أن يتعطل في المستشفيات ويتأخر الدواء عنه .

أهم الأقسام الموجودة لدينا هو قسم الرعاية المكثفة، وهو مختص بتقديم الخدمات بأنواعها كافة للمسنين المقيمين وحدهم أو مع الخدم، ويتم تأهيل المسن في هذا القسم للعناية الذاتية والمعيشية والاجتماعية وشبه الطبية، أو الجليس الموجود مع كبير السن، وقد وصل العدد حالياً (1600) مسن، وهم يتلقون خدمات الرعاية المنزلية على مستوى إمارات الشارقة باختلاف فروعها، ونحن لدينا سبعة فروع، فهناك في إمارة الشارقة فرع، وفي المنطقة الوسطى ثلاثة فروع، وفي المنطقة الشرقية ثلاثة وفي المنطقة الحمرية . عدد الموظفين الذين يخدمون هذا العدد الكبير من المسنين يراوح بين 100 و110 موظفين، منهم إداريون وفنيون .

  • معصومة عبدالله:

بالنسبة إلى الزيارات المنزلية، نحن بدأنا في دبي منذ عام ،1986 وكونا فريقاً من اختصاصيين وأطباء، حيث استطعنا إخراج المسنين من المستشفيات إلى منازلهم، مع تقديم خدمة الرعاية المنزلية، وفي حالة خروج المريض فإن إدارة المستشفى تتصل بقسم الرعاية المنزلية حتى يتابع حالة المسن الصحية، وقبل أن يصل المسن إلى منزله يذهب قسم الرعاية المنزلية إلى منزل ذلك المسن ويتأكد من ملاءمة المكان، وأما إذا لم يكن المنزل ملائماً فإننا نتصل بالجمعيات وفاعلي الخير، حتى يزودونا بالتجهيزات من أجل توفيرها في منزل المسن . نحن الحقيقة بحاجة إلى عدد من الإجراءات والمتطلبات لتوفير رعاية كريمة للمسنين، وأذكر بعضها، وهو أنه على سبيل المثال لا يوجد مشروع وطني لرعاية المسنين، فضلاً عن عدم إتاحة الفرصة للمسنين ذوي اللياقة الصحية الكافية لكي يمارسوا الأعمال المتفقة مع قدراتهم وخبراتهم، ومع الأسف، هناك مسنون لديهم إمكانيات وطاقات جيدة، ولا نستفيد منها، وبالتالي من المهم الاستفادة من هذه الخبرات، ثم إنه لا توجد هناك قوانين تحافظ على حقوق المسن المادية، ولا يوجد أيضاً قانون يعاقب أفراد الأسرة الذين لا يهتمون بالمسنين، وفي دبي قمنا برفع دعاوى إلى محاكم دبي عن عقوق الوالدين واستيلاء الأبناء على أموال والديهم كبار السن، واستطعنا الحجر على هذه الأموال وإعادتها إلى أصحابها، فضلاً عن كل ذلك، لا توجد تجهيزات خاصة لكبار السن ونحن بحاجة إلى هذه التجهيزات . هناك أمور تجب مراعاتها من قبل الدولة تتعلق بالتسهيلات المقدمة للمسنين، مثل اختيار الأرضيات المناسبة غير القابلة للانزلاق، ووضع أبواب كبيرة ووضع مرافق مناسبة .

  • فوزية طارش:

جميعنا نعرف مشكلات المسنين ولدينا هموم، ثم إن التطورات الحاصلة والمتسارعة في المجتمع تفرز معها عادات اجتماعية مختلفة عما في السابق، والجحود قد لا يكون متصلاً فقط بالمعاملة المجحفة مع كبار السن، وإنما قد نلمسه في الأسرة الواحدة وفي تعامل الآباء مع الأبناء أو العكس .

إن سياسة وزارة الشؤون الاجتماعية في رعاية المسنين تضمنت الرعاية المادية، أي الضمان الاجتماعي، فضلاً عن الرعاية الإيوائية المتصلة بالرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية، ويشمل ذلك الوحدة المتنقلة، والحقيقة أننا تقدمنا في سياستنا بالنسبة إلى رعاية كبار السن، والآن نحن ننتقل من منهجية الرعاية إلى منهجية التنمية في هذه الفئات، والتنمية هي أن نحارب هذه الهموم التي نتحدث عنها . اليوم لدينا مركز المسنين ولدينا مبادرة أصدقاء المسنين، ولدينا أيضاً الوحدة المتنقلة وسياسة الضمان الاجتماعي، وفعلاً يعاقب كل من يستغل المسن في أخذ الضمان، وهناك الآن لجان في قسم الضمان الاجتماعي، وهي تتابع حالة المسنين وتدرس أوضاعهم، ولدي إثباتات بأن هناك متابعة كاملة لحالات الضمان الاجتماعي من المسنين وعدم استغلالهم في هذه الناحية .

في السابق كان الجار يأخذ الضمان الاجتماعي عن المسن، لكن الوضع اختلف اليوم، وقيمة الضمان تحول إلى البنوك ويتسلمها المسن، وهناك رقم سري وبيانات كاملة عنه وكل هذا موثق في دائرة الضمان الاجتماعي، ولذلك استطعنا تجنب موضوع عدم وصول الضمان الاجتماعي إلى المسن نفسه، وعلى سبيل المثال، الحالات الموجودة في دار رعاية المسنين في عجمان لديها ضمان اجتماعي، وهذا الضمان مراقب من قبل دار الرعاية نفسها ومن قبل دائرة الضمان الاجتماعي أيضاً، حتى بعدما يتوفى المسن، فإن هناك لجنة مكونة من المحكمة الشرعية ومن وزارة الشؤون الاجتماعية، لكيفية التصرف في هذه المنحة . صحيح أنه في السابق كانت هناك سلبيات وثغرات، لكننا الحمد لله نتجاوز هذه المشكلات، وعلى سبيل المثال، لو جاء ابن وأخذ أموال الضمان الاجتماعي بعد موافقة والده المسن، ثم بعد ذلك صرف الأموال على منزله، فإن ذلك شأن داخلي بين الابن والأب، لكن لا يعطى أي ابن أو ابنة المساعدة الاجتماعية إلا بموافقة الأم أو الأب المسن .

هناك حالات عقوق والدين، يتصرف فيها الأبناء بطريقة غير لائقة مع أهلهم الكبار، وبالتالي ينتج من ذلك قطع المساعدة الاجتماعية، وإيجاد طريقة مناسبة لعودتها .

  • د . محمد الفارس:

سؤالي يتعلق بالتشريعات والدور الحقيقي المطلوب من وزارة الشؤون الاجتماعية، ويتعدى ذلك الجانب الإعاني أو المساعدات، فهل دور وزارة الشؤون الاجتماعية مقتصر على الجانب المادي أم يتعدى هذا الدور؟

  • فوزية طارش:

لدينا دار رعاية المسنين في عجمان، والحالات الإيوائية في المركز تتلقى رعاية صحية نفسية اجتماعية، ولدينا الوحدة المتنقلة، وتشمل تقديم الرعاية الاجتماعية للمسن وسط أسرته، بفريق متكامل، ونحن انتقلنا من منهجية الرعاية إلى منهجية التنمية، عبر تفعيل دور المسن في المجتمع وحمايته، وأن نعطيه دوراً تنموياً، لكن ما تقصده من التشريعات بمن أعاقب؟ جوابي هو أنني أحارب من يجحد المسن، وأدمجه مع أسرته ومجتمعه بالبرامج التي أضعها، لكن وزارة الشؤون الاجتماعية لا تستطيع الدخول إلى المنازل ومعاقبة من يجحد المسن، وبالتالي نحن نوعي بدمج المسن .

  • ريحانة جمعة:

من المهم وضع شروط للمسن، مثل أن يتوافر له من يرعاه وتقديم الخدمات الكاملة له، ثم إن الضمان الاجتماعي الذي يتلقاه المسن أثناء حياته، ستذهب إلى الورثة بعد موته، ولذلك فإن الموضوع لا يقتصر فقط على جانب الضمان الاجتماعي، وإنما ينقص المسنين خدمات متنوعة، وهناك مستلزمات غير متوافرة في منازلهم، وهذا أقوله بحكم التجربة وبحكم مروري على منازل كبار السن ومعايشتي لأوضاعهم، وأعتقد أن وجودهم في دور رعاية كبار السن قد يكون أفضل بكثير من وجودهم في المنازل، وأتحدث هنا عن أولئك الذين لا يملكون مستلزمات الحياة الكريمة، وبالتالي من الضروري توفير المستلزمات والاحتياجات الخاصة بالمسن في منزله، وهناك الضمان الاجتماعي الذي يمكن أن يوفر هذه الاحتياجات، لكن حتى يترجم ذلك على أرض الواقع فإننا بحاجة إلى متابعة هذه الاحتياجات .

هناك دار رعاية المسنين موجودة الآن في رأس الخيمة، وتحديداً في منطقة شعم، وهذه الدار بنيت من تبرعات أهالي المنطقة، ثم تحولت إلى دار رعاية حكومية، وهذا حصل قبل عامين، إذ حولوها إلى دار حكومية في مستشفى عبيد الله، وهذه الدار كانت تستقبل جميع المسنين، سواء مواطنون أم غير مواطنين، أو من لهم أهل أو من هم بدون أهل، وكانت تقدم خدماتها عن طريق المساعدات التي تتلقاها من المتبرعين وأصحاب الخير، لكن هناك قصص كثيرة حصلت وهي مأساوية، وقد كتبت قصصاً واقعية وحقيقية، مثل تلقي العزاء، والبطاقة الصحية، وإكرام الميت، والأم أو الطلاق، وهذه القصص كتبتها أثناء وجودي كمتطوعة في دار رعاية المسنين في شعم برأس الخيمة . موضوع قصة البطاقة الصحية يتحدث عن إرسال أحد الأشخاص إلى دار رعاية كبار السن الملحق بمستشفى عبيدالله، رجلاً مسناً داخل علبة كرتون كبيرة، ووضع هذا المسن أمام المستشفى، ثم ترجل أحد الأشخاص من السيارة ليخبر دار الرعاية عن وجود مسن، وسألناه عن صلة القرابة فرد بأنه رأى المسن، وطلبنا منه إطلاعنا على البطاقة الصحية، فقال إنه سيحضرها ويعود إلينا، ومع الأسف، المسن كانت رائحته شبيهة بالغنم، وملتصق به شعر غنم، ويبدو أنه كان يمكث في زريبة غنم . المهم أن الرجل الذي ذهب لإحضار البطاقة الصحية اختفى، وتبين لاحقاً أن هذا الشخص الذي ذهب هو ابن الرجل العجوز . قصة إكرام الميت دفنه هو أن هناك امرأة كبيرة في السن ولها أبناء يشغلون مناصب كبيرة في الدولة، وحينما توفيت في المستشفى، اتصلنا بابنها الأول، فرد بأنه مشغول، والثاني قال إنني مشغول وسأتصل بكم لاحقاً ولم يتصل، ثم اتصلنا بابنها الثالث فأجابنا بأنه ينتظر صلاة المغرب حتى يصلي ثم يأتي ليتسلم جثة أمه من المستشفى .

  • عائشة بشر:

الأستاذة ريحانة عملت قبلي في دار رعاية المسنين في رأس الخيمة، وهي التي رشحتني لأكون مسؤولة في رعاية دار المسنين، التي عملت فيها لمدة 9 سنوات، والحقيقة أنه تعرضنا للكثير من القصص، لكن أكثر قصة تأثرت بها، تتعلق بوجود مسن تم رفض استقباله من قبل دور رعاية المسنين في الدولة، لأنه غير مواطن ولا يملك بطاقة صحية، لكننا قبلناه واتصل بي مدير المستشفى وطلب مني استقبال هذا المسن، وقبلته في دار المسنين، وقد أحضره رجل يبدو على هيأته وملبسه أنه شخص ميسور، لكن المسن كانت حالته صعبة، إذ إنه مسن ومعاق في الوقت نفسه، وصادف أنني طلبت من هذا الرجل الميسور بطاقته أو معلومات عنه، حتى يمكننا التواصل معه في حال حصل شيء للرجل العجوز لا سمح الله، وتأكد لي من جواز سفره أن المسن هو أب زوجة هذا الرجل الميسور، ثم إن الموظفين رأوا هذا الرجل يحضر العجوز بسيارة فارهة، والحقيقة أنني اندهشت من هذا التصرف وجادلت الرجل على هذه المعاملة غير الكريمة لرجل مسن يعد قريباً بالنسبة إليه . المهم أننا أدخلنا العجوز المسن، وتلقينا دعماً من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية وشرطة رأس الخيمة والمحكمة أيضاً، وفي وزارة الشؤون الاجتماعية، على سبيل المثال، اتصلت بالأخت المسؤولة هناك، وزودتها باسم الرجل المسن وتم وقف الإعانة الاجتماعية له، عندها ذهبت ابنة الرجل المسن إلى وزارة الشؤون الاجتماعية وتساءلت عن أسباب قطع الإعانة، فردت عليها المسؤولة هناك بأنها وضعت أباها في دار رعاية المسنين، وأنه كان يمكن أن تتلقى مبلغ (4400) درهم لتأثيث غرفة له في المنزل، فردت بأن أباها لم يكن يبرهم حينما كانوا صغاراً، وأنه كان يضربهم ولم يعلمهم وتزوج أربع نساء، لكن هل تجدي معاقبة الابنة لأبيها بهذه الطريقة؟ المسن كان يقرأ القرآن عندنا، ويصلي في أي مكان نضعه فيه، إلى أن مكث في دار رعاية المسنين برأس الخيمة لمدة خمس سنوات، ثم توفي، وقمنا بالاتصال بأبنائه وبناته، لكن لا أحد وافق على تسلم جثة المسن، وعللوا بأنه تزوج وأنه أنجب من كل زوجة ابنة، المهم أنه ظل في ثلاجة الموتى لمدة ثلاثة أيام، وحينها اتصلت بالجمعية الخيرية، التي بدورها غسلته ودفنته .

بعد أسبوع من الوفاة اتصلت ابنة المسن، تريد شهادة وفاة لأبيها لأن أبناءها لم يذهبوا إلى المدرسة، وهذه قصة حقيقية وقعت .

  • د . حسن قايد الصبيحي:

الحقيقة أنني جئت وفي ذهني الكثير مما أريد قوله، لكنني حينما سمعت هذه القصص أؤكد أن الإعلام لم يفعل شيئاً، لأن استحضار مثل هذه القصص هو الذي يحرك المياه الراكدة، ويدع المسؤولين يتحركون وأصحاب الخير يبادرون إلى تقديم المساعدات، كما يجعل أصحاب العقوق هؤلاء يراجعون تصرفاتهم .

الندوة تناقش دور المسنين وحالتهم، فضلاً عن الدور الإعلامي، وقد عدت إلى الأدبيات والمراجع التي تتناول هذا الموضوع المهم، ووجدت بعض المشكلات التي يواجهها هذا القطاع، والتي تكاد تكون مشتركة بين بعض الدول، فهناك مثلاً مشكلة ذاتية تتعلق بالمسنين أنفسهم، وهي مشكلة سن القعود، وهذه القضية مرتبطة ببعض الشخصيات، ويسمونهم مرضى، لكن هذا التعريف خطأ، وعلى المسؤولين أن يراجعوا هذا المسمى . مشكلة القعود أن هناك بعض الناس تواجههم مشكلات قبل سن القعود، واليوم صباحاً وقبل عقد الندوة، ذهبت إلى دار رعاية المسنين في الشارقة، لأطلع على الواقع، حيث جلست مع بعض المسنين وتحدثت مع المسؤولين هناك، وخلصت إلى بعض الملاحظات، ومشكلة القعود هي أن هناك من يتعرضون إلى مشكلات صحية قبل سن 60 عاماً، فأين سيذهب هؤلاء؟ خاصةً إذا لم يكن لديهم من يعيلهم، والقضية الأخرى تتعلق بالتقاعد، ذلك أن التقاعد قد يفرض على الإنسان أن يجلس، ثم إن هناك شعوراً بعدم القيمة نتيجة الضغوط النفسية التي يتعرض لها كبار السن بسبب العزلة وغيرها من القضايا، ويمكن أن نرفع من معنويات هؤلاء الكبار حينما نضعهم تحت المجهر من قبل المؤسسات الخيرية والمجتمعية في الدولة، فهم بحاجة إلى رعاية، هذا فضلاً عن أن هناك من كبار السن من يمتلكون خبرات ويستطيعون الإسهام ببعض الأفكار، وهذا يعطيهم قيمة عالية جداً ويوفر لنا مصدراً من مصادر الحكمة والمعرفة . حينما سألت المسؤولة في دار رعاية المسنين في الشارقة عن حالة كبار السن، جاوبتني بأن منهم من يموت فجأةً، مع أن وضعهم الصحي جيد، لكن بسبب الحالة النفسية فهم يموتون كمداً .

في مقابلتي الصباحية مع كبار السن، وجدت أن لديهم إحساساً قاتلاً جداً بعدم الوفاء، وهذا ربما لا يكون بسبب الأقارب وإنما بسبب المجتمع المحيط بهم، لكونهم كانوا جزءاً فاعلاً في هذا المجتمع وجزءاً مهماً فيه، وفي هذه السن المتأخرة هم يريدون أن يرد لهم المجتمع جزءاً من الجميل، وهذا حقهم، خصوصاً أن الكثير من كبار السن عايشوا مرحلة التأسيس، وشخصياً عشت مرحلة التأسيس، وكنت أعمل صحافياً في جريدة الاتحاد، وأعرف دور كل إنسان في هذه البلاد، وأعلم أن المسنين كانوا من المؤسسين الكبار، ومنهم من أسهم في عملية التأسيس، من أصغر مواطن في هذه البلاد إلى أكبر مواطن .

شعرت من مقابلتي مع كبار السن بأنهم غير راضين عن هذا النوع من الرعاية، وهذه مسألة مهمة جداً، والحقيقة أن الدولة وفرت الرعاية لكبار السن، لكن دور الرعاية هذه لا تليق بمستوى الإمارات في عام ،2011 ومع الأسف الشديد إن كبار السن يموتون كمداً مثلما قلت، لأنه يتم أخذهم في رحلات ويشاهدون إلى أين وصلت الإمارات من تقدم، وكيف يعيش الناس، وبالتالي يشعرون بالإهمال بسبب هذا الحجم الهائل في المقارنة .

بالنسبة إلى الجانب الإعلامي، لدينا الآن صحف قوية وتلفزيونات وإذاعات وانترنت مفتوح على كل الفضاءات، وهذا يحتم على الإعلام المسؤولية الاجتماعية، أي أن نراعي ظروف المجتمع ونحاول إبراز الصورة المظلمة والمشعة أيضاً، وهذا ما يمكن أن نقول عنه إعلام المسؤولية الاجتماعية، وهذه مبادرة مهمة أن نجتمع ونناقش موضوعاً مهماً .

  • عائشة سلطان:

نحن جميعاً ننتمي إلى مجتمع، نعرف على وجه اليقين السياقات الاقتصادية والاجتماعية التي مر بها على وجه التاريخ، والطفرات التي مر بها هذا المجتمع من الطبيعي أن تصيب المنظومة الأخلاقية لأفراد المجتمع، وأعتقد أن جميع المجتمعات مرت بمثل هذا الوضع، خصوصاً تلك التي بنت نفسها وعاشت أدوار التنمية، وبالتالي فإن حالة الطفرة التي عاش فيها مجتمع الإمارات، وانعكاس ذلك على المنظومة الأخلاقية والاجتماعية، من الطبيعي أن يصيبا بالخلل الأسرة أولاً، لكونها اللبنة الأساسية للمجتمع .

أعتقد أن التغيرات التي أصابت هذا المجتمع والتي انتقلت إلى الأسرة، كانت من إفرازاتها ما سمعناه اليوم من قصص واقعية، ولا أستطيع أن أنظر إلى الجزء الفارغ من الكوب ولا إلى الجزء المملوء منه، ومثلما قال فضيلة الشيخ في البداية بروا أبناءكم تبركم أبناؤكم في ما بعد، فمن لا يبر ابنه فلا أتخيل أن ابنه سيبره، حتى لو بذل الكثير في حياته وفي المجتمع، ولا أبرر هنا العقوق إطلاقاً، لكن أعتقد بأن علينا أن ننظر بنوع من التوازن في الموضوع، فهناك أسر في مجتمع الإمارات مكونة من كبار سن ومعاقين، لكن لا نسمع كل هذه القصص، وهناك عدد من الأسر التي تحدث فيها حالات مشابهة للتي سمعناها اليوم، وهذا أمر طبيعي وليس صحيحاً، وهناك فرق بين الطبيعي والصحيح، فالطبيعي نتيجة كل ما نعيش فيه في هذا المجتمع من طفرات ومن تغيرات اجتماعية وإشكالات كثيرة لم يتم التعاطي معها بنوع من التوعية ونوع من الإحاطة والمعالجة، واستغربت جداً اليوم أن وزارة الشؤون الاجتماعية لديها دار مسنين واحدة على مستوى الدولة في عجمان، فهذا أمر ليس غريباً وإنما أمر صادم، فقد ترك هذا الموضوع للحكومات المحلية، إذ يوجد تقريباً خمس دور رعاية مسنين على مستوى الإمارات، لكننا في مجتمع يتغير بشكل دراماتيكي وحاد وليس بأمر طبيعي وعادي .

فعلى سبيل المثال، عشت قصصاً كثيرة جداً لكبار سن ليسوا عاجزين تماماً، وشاهدت عملية النزوح من الأحياء السكنية إلى أطراف المدينة، والسكن في أحياء جديدة، فهذه الأحياء فتتت الأسرة التي بدورها انقسمت، وأصبح كل شخصين أو ثلاثة يعيشون في منزل واحد، ثم إن العلاقات التي كانت موجودة في الحي الواحد تفتتت هي الأخرى، لأن كل عائلة انتقلت إلى حي آخر، والأسر تباعدت والأحياء تفرقت، وبالتالي وجدت العزلة، لأن هناك أناساً يعيشون في قلاع وقصور، لكن لا أحد يعلم الحالة النفسية التي يعيشونها، وأعرف ثلاث حالات لأسر كنا نجاورها في السكن، انتقلت لكن لم تتحمل هذه الأحياء الجديدة، ولذلك ظلوا يذهبون إلى بيوتهم القديمة في الشعبيات . . إلخ، إلى أن دخلوا في حالات اكتئاب، ولا تعلم بهم وزارة الشؤون الاجتماعية ولا دور رعاية كبار السن، إلى أن وقعوا أسرى لهذا الاكتئاب وتحولوا إلى مرضى نفسيين، وأصبح لديهم إحساس بفقدان الحالة الاجتماعية التي كانت موجودة في الشعبيات حينما كانوا يعيشون بين أسرهم وأبنائهم، والإنسان الكبير لا يستطيع أن يعيش إلا وسط الناس، ولذلك ظهرت لدينا في المنازل النساء الكبار اللاتي يدخلن في خلافات دائمة مع الخدم، لأنهن يردن التنفيس عن أنفسهن، ويردن أن يقلن إنهن موجودات، حتى بهذه الطريقة، والمسألة نفسية بحتة .

الإعلام حقيقةً غائب ليس فقط عن كبار السن، وإنما عن الأطفال والمعاقين وكبار السن والشباب، وأنا أتهم نفسي قبل أن أتهم الإعلام، بأننا غائبون عن المشهد التصحيحي للمجتمع، واهتمامنا مقتصر على الطبخ وعرض الأزياء وصناعة النجوم، أما قضايا المجتمع فنحن غائبون عنها، والإعلام المرئي الناس أكثر ارتباطاً به من الإعلام المقروء، ويقع على الإعلام المرئي دور المسؤولية الاجتماعية، خصوصاً أن هذا الإعلام أوسع انتشاراً وأكثر شعبية بين كبار السن والأسرة الواحدة، وأتمنى أن تتبنى وزارة الشؤون الاجتماعية مشروع برنامج تلفزيوني يضيء على القضايا المتعلقة بكبار السن، وهذا أفضل بكثير من عقد المؤتمرات التي لم تقدم ولم تؤخر .

نداء خاص إلى الأخت الفاضلة مريم الرومي، من هذا المنبر الكريم، بأن تنتبه إلى هذا الموضوع، ويا حبذا لو كان في أحياء عدة، نادي لكبار السن، يلتقون فيه ويتواصلون مع بعضهم بعضاً، والحقيقة أننا لا نجد النساء الكبار إلا ويحفظن القرآن طوال الوقت، لكن، مثلما يقول المثل، ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، فليس بالدين وحده يحيا الإنسان، ونحن نصلي خمس مرات في اليوم وليس طوال النهار، والله تعالى أمرنا بالصلاة والعيش، والدين ليس رهبنة وإنما حياة، وهؤلاء المسنون نريد لهم أن يحيوا، ومرةً أخرى أحمل الإعلام مسؤولية عدم الإضاءة على هذه القضايا، ويفترض أن وزارة الشؤون الاجتماعية تتحمل عبئاً في هذا الموضوع، وهي مطالبة بتوعية المجتمع تجاه دوره في التواصل مع كبار السن ومعاملتهم . نحن بحاجة إلى أن نتواصل مع كبار السن ونؤكد لهم أنهم جزء من المجتمع وأنهم ليسوا منسيين .

  • د . ناصر أحمد علي:

مثلما ذكرت الأخوات من رأس الخيمة، أن معظم المسنين الذين كانوا في دار رعاية المسنين في شعم، حولوا إلى مستشفى إبراهيم عبيدالله، وهذا المستشفى يقدم رعاية للمرضى من المسنين، وليس داراً للمسنين، ومعظم كبار السن الذين يمكثون في المستشفى لفترات طويلة، يتابعون علاجهم، حيث هناك 126 سريراً، والمشغول منه 65 سريراً .

دار المسنين في شعم كانت تحصل على الدعم من جهات غير الدولة، وأحد الخيرين تبرع بمستشفى لأمراض الشيخوخة وكبار السن، والمستشفى مجهز بالكامل، وبالتالي فضلت المنطقة الطبية أن ينتقل المسنون في شعم إلى المستشفى، بالإضافة إلى استقبال أي حالات جديدة، وهذه من ضمن جهود وزارة الصحة، لكن البرنامج الآخر الذي تقوم به الوزارة حسب استراتيجية وزارة الصحة 2008 إلى ،2010 هو برنامج الزيارة المنزلية للمسنين، وهذه المبادرة تغطي كل الإمارات الشمالية، بحيث تكون الوزارة هي الجهة الرسمية، لكن التجربة بدأت في رأس الخيمة أواخر ،2008 وبدأ برنامج الزيارات المنزلية بفريق طبي مكون من ثلاث ممرضات وطبيب، يقومون بزيارات منزلية بالتنسيق مع الأسر نفسها، بالإضافة إلى متابعة الحالات المخرجة من المستشفيات، أو حتى من مستشفى كبار السن، ومثلما تحدثت الأخوات عن الجانب السلبي الذي قامت به بعض الأسر تجاه آبائها وأمهاتها من المسنين، إلا أن كثيراً من الأسر حريصة على أن تكون رعاية المسنين في المنزل، والفكرة جاءت لتلبي احتياجات هذه الأسر، بدلاً من يأتي المسن إلى المستشفى، وهذه لها جوانب اجتماعية ونفسية، والمبادرة المتعلقة بالزيارة المنزلية لكبار السن ناجحة جداً، وهناك 165 مسناً ومسنة تتم زيارتهم بشكل دوري وبصورة منتظمة، والبرنامج يلاقي إقبالاً كبيراً من جانب المجتمع .

  • د . إيناس عبد الشافي:

إذا كنا نتحدث عن دور رعاية المسنين، فإن أي نتيجة صحيحة تأتي من البداية الصحيحة، لكن مرحلة رعاية المسنين متى تبدأ؟ وهذا يقودني إلى المثال الذي يقول درهم وقاية خير من قنطار علاج، بمعنى لماذا ننتظر أن تحصل المشكلات الاجتماعية والصحية للمسن، وبالتالي نستقبله في مراحل العلاج والإيواء، بينما يمكن تدارك هذا الأمر وتصحيحه من البداية . في دار رعاية المسنين أجرينا بحثاً عن كبار السن، وخلصنا إلى أن عملية تغيير المفاصل تتطلب 20 ألف درهم، ومستشفى القاسمي وخليفة يجريان شهرياً أربع عمليات، هذا ناهيك عن أسعار الأدوية، وهذا يؤدي إلى وجود ميزانية ضخمة تصرفها الدولة على هذا القطاع، ولذلك يمكن الوقاية في هذا الإطار عبر الاهتمام بالمقبلين على سن الشيخوخة من 40 إلى 55 عاماً، حتى نؤهل هذه الشريحة ونمكنها من الاندماج في المجتمع بدون مشكلات اجتماعية أو صحية .

البحث الذي أجريناه مكون من جزءين، الأول وهو ميداني حيث أخذنا فئة من كبار السن وفحصناها، ووجدنا أن أغلبها مصابة بأمراض تسبب العجز عن خدمة الذات وعن إعانة النفس، مثل هشاشة العظام والجلطات التي تنتج من إهمال معالجة ضغط الدم والسكر، لكن لو تمت معالجة هؤلاء في مرحلة العمر القبلية، أي قبل وصولهم إلى مرحلة الشيخوخة، لكان يمكن تجنب جزء كبير من المشكلات الصحية . الخطوات التي نستند إليها، أولاً نذهب إلى المسن لكن هناك اختصاصي يحدد المرض، وبالتالي نقوم بإعطاء المسن جواب تحويل إلى مستشفى خليفة، ويتم تحديد المشكلات الصحية الخاصة به، ونحن في رعاية كبار السن بعجمان، نوفر في المنازل الصحة الأولية والعلاج الطبيعي .

  • موزة محمد البلوشي:

نحن لسنا وزارة صحة مختصة بتقديم العلاج، وإنما دورنا يقوم على الرعاية المنزلية، وبالتالي الرعاية الصحية الأولية والعلاج الطبيعي، ولدينا اختصاصيون للعلاج الطبيعي وهم يخرجون لتقديم هذا العلاج في منازل كبار السن، ولدينا طبيب عام يقدم خدماته الأولية، لكن الفحص الأولي الأهم يقع على مستشفى خليفة الذي نخاطبه برسائل تتعلق بوضع المسن، وهو يقوم بعملية الفحص الطبي، ويزودنا بالتقرير الطبي عن حالة المسن، وبدورنا نستقبله لاستكمال الرعاية . ثم إذا تأكد للطبيب عندنا أن المسن يعاني مرضاً أو ألماً ما، فإننا نتصل بأسرته ونبلغها عن حالته، ويتم نقله إلى المستشفى .

في الرعاية الاجتماعية التي نقدمها للمسنين، لمسنا تضايقاً من قبل هذه الشريحة، خصوصاً المسنين الذين يمكثون في منازلهم، وتحديداً المسنات، ذلك أن كل مسنة جالسة في منزلها القديم ومعها خادمتها ولا أحد يقطن معها، بسبب صغر حجم المنزل وبسبب الأوضاع الأسرية المتعلقة بزواج الابن، ولذلك فإن الزيارات الأسرية تكون على الأغلب في فترات المساء، وبالتالي تعيش هذه المسنة في فترات وحدة، ثم إننا حينما نأتي لزيارتها نحاسب الخادمة على أي تقصير تجاه الخدمات التي قد لا توفرها للمسنة، والآن هناك 121 حالة، وانطلقت خدماتنا في 22/11/،2008 ولدينا مسنون يشاركون في الأنشطة التي نقوم بها من حيث تنظيم الرحلات، وهم فعلاً يستأنسون في الرحلات التي تقام، وعلينا توعية الأسر بأن الرحلات مفيدة لكبار السن، لأنها تخرجهم من الجو الروتيني الذي يعيشونه . في إحدى الزيارات أخذنا المسنين إلى برج العرب، وكانت هناك حفلة استقبال لهم، لكنهم أعجبوا كثيراً بهذه الزيارة، وهناك مسنون يسألون عن نشاطاتنا ويرغبون في المشاركة في الرحلات إلى أي مكان . لاحظنا أن هناك مسنين لا يرغبون في الخروج من منازلهم، والرعاية المنزلية تفيدهم في هذا الإطار، ثم إن بعض الأسر قد لا تدري شيئاً عن أوضاع المسن الذي يسكن معها في المنزل نفسه، وهذا لا يتفق مع المسؤولية الاجتماعية والدور المهم والحيوي الذي تقوم به الأسرة في عملية التمكين الأسري . وظيفتنا بالإضافة إلى تقديم الرعاية للمسن، توعية الأسرة وتقديم النصائح لها في كيفية تعاملها وتقديم خدماتها للمسن نفسه .

  • نسرين بن درويش:

عشت مع المسنين لفترة جيدة، وهم الحقيقة يشتكون من بعض الخدمات، ففي مرة من المرات ذهبت لزيارتهم في الصيف، ولم تكن المكيفات تعمل بسبب أعطال، فقط كانت المراوح تعمل، ولم أستطع البقاء معهم، لكنني اتصلت بالمسؤولين وكانت هواتفهم مغلقة، واتصلت بالفريق ضاحي خلفان فرد علي وتفاعل مع طلبي، ومشكوراً أرسل فريقاً للوقوف على المشكلة وحلها، وطلبت من الممرضة الاتصال بمسؤولة الاستراحة، لكنها لم تتصل، واكتشفت بعد ذلك بأن محضراً كتب في حقي، وتساءلت عن هذه الطريقة مع أنني أردت تقديم خدمة للمسنين بإصلاح المكيفات، وفي اليوم التالي اتصلت صديقتي وقالت إن شكوى قدمت بحقي في برنامج البث المباشر من قبل أحد المتطوعين، بأنني أستفيد من وراء المسنين، والفريق ضاحي خلفان أرسل تقريراً إلى الديوان، يؤكد وجود عطل في المكيفات، وأن عملية الصيانة لم تحدث منذ فترة، وفي ذلك الوقت توفي أحد المسنين بعد اكتشاف الأطباء إصابته بمرض خطر، وقمت باستخلاص أوراق الدفن، لأن أخاه رجل كبير ولا يرى، ثم إنني كنت أتصل بالإخوة المسؤولين وأتساءل عن سبب وضع المعاقين مع كبار السن، لكن كان الرد علي أنني متطوعة ومن المغضوب عليهم، وممنوعة من دخول استراحة الشواب، وكل المتطوعين ممنوعون من دخول الاستراحة أيضاً، مع أنني كنت أقدم خدماتي تطوعاً لهؤلاء الكبار، وكانت تربطني بهم علاقة جيدة، وهناك قصص ومآسٍ لكل مسن، مثلاً هناك مسنة يرغب أبناؤها بأخذ أموالها، وأحدهم أعرفه وهو يعقد ندوات عن كبار السن وواجب الأبناء عليهم .

  • مريم الفزاري:

الحقيقة أن مجتمعنا مجتمع متراحم، وما سمعته من الأخوات عن قصص مأساوية إنما هي شاذة ولا تعبر عن المجتمع الإماراتي، وقد استمعت إلى آراء المشاركين في هذه الندوة، وليس لدي ما أقوله، سوى أنني أتمنى إنشاء نوادٍ اجتماعية صحية ترفيهية، وأن تكون موزعة على مستوى الإمارات، وهذا يؤدي في المرحلة البعيدة المدى، إلى دعم اتجاه رعاية كبار السن، وسط أسرهم، دون اللجوء إلى دور الإيواء، لأنه مستحيل أن تكون بديلة للأسر، ويمكن إنشاء هذه النوادي بالتنسيق ليس فقط مع الجهات الحكومية، إنما مع الجهات الأهلية أيضاً، وهذا يخفف من العبء المالي ويحقق الشراكة بين هذه القطاعات المتنوعة . ما ألاحظه طيلة عملي في الجانب الإنساني، أن الدولة حققت قفزات جيدة وإيجابية على الجانب الإنساني والخدماتي، وهذا لا يمكن إغفاله، لكن، مع الأسف، هذه الجهود مشتتة، ولا توجد مظلة واحدة تكون هي المسؤولة عن قطاع كبار السن، فهناك جمعيات النفع العام، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الصحة، هيئة الخدمات الصحية في أبوظبي، الهلال الأحمر، وهذه جميعها تعمل وحدها دون وجود مظلة جامعة . الهلال الأحمر، على سبيل المثال، يقدم خدماته للمسنين، وأقام (61) دورة على مستوى الإمارات، لتدريب أقارب المسنين وطلبة الجامعات، ومع الأسف، لا أحد يستفيد من هذه الكوادر المدربة لأن الجهود مشتتة .

  • فاطمة حسن:

بروا آباءكم يبركم أبناؤكم، هذا المثل من المهم أخذه في الاعتبار، خصوصاً من جانب الأسر، ثم إنه من الضروري عقد الندوات وورش العمل التي تعنى بتوعية وتمكين الأسر من التعامل مع أقاربهم من كبار السن، بالإضافة إلى تقوية الوازع الديني .

د . علي مشاعل: نتائج عملية

أرجو أن تكون نتائج هذه الندوة عملية ومترجمة على أرض الواقع، وأعتقد أن كل أخ وأخت أسهم في لبنات هذه الندوة، ونحن بحاجة إلى تسليط أضواء من ناحية، ومشاركات فعلية من ناحية أخرى . نحن بحاجة إلى إعادة نظر، أو ربما إضافة في مناهج تعليم تخص كبار السن والمعاقين، ونحن بحاجة أيضاً إلى وسائل إعلام وتسليط الأضواء القوية والمتتالية في برامج تلفزيونية وإعلامية، وفي الصحف والمجلات، وبحاجة إلى إظهار القصص الواقعية لكل فئات المجتمع، من أجل أن تكون قصصاً مؤثرة ومانعة من تكرار بعض المآسي، ورافعة للمجتمع عن مثل هذه الحالات، ونحن بحاجة أيضاً إلى أن نكون على المستوى الذي يريده لنا ديننا، من الشعور بالمسؤولية، وأعتقد أن كل واحد فينا في مجال عمله ومجالات تخصصه، يشعر بأنه بحاجة إلى أن يضاعف الجهود، وبحاجة إلى أن يكثف البذل من أجل أن يصل إلى درجة أعلى . ومن المهم الوقاية في كل هذه الأمور، وتكوين لجان من مختلف المجتمع والتخصصات، لزيارة كبار السن وإقامة برامج لهم، سواء أكانت برامج تعليمية، اجتماعية، ترفيهية، علاجية . . إلى ما هنالك من هذه الأمور التي تشعرهم بأنهم جزء لا يتجزأ ولم يغفلوا من قبل المجتمع، وهذه الوقاية مهمة جداً . لاشك في أن بداية الإصلاح تأتي بمعرفة الخطأ لدينا، وليس هناك من مجتمع منزه عن الخطأ أو متكامل، بحيث ليس فيه أي غفل أو تجاوز، إنما المطلوب أن نفتح عيوننا على الواقع الذي نحن فيه، وأن نعترف بالتقصير الذي نقع فيه، وأن نسعى جميعاً سواء بمبادرات في جهات معينة أو شراكات من قبل هذه الجهات، من أجل الوصول إلى أعلى درجة من العناية والرعاية، وإرضاء الله أولاً، ثم المسؤولين وأفراد المجتمع ثانياً .

شيخة علي: كسر العزلة

الخدمات التي نقدمها في الأساس اجتماعية، وأما الجانب الصحي فهو جزء من هذه الخدمات، وعملنا يتلخص في القيام بزيارات ميدانية تهدف إلى إخراج المسن من العزلة التي فرضت عليه بسبب السن أو بعض المشكلات الأخرى، وزياراتنا تتصل أيضاً بمعاينة منزل المسن والتأكد من ارتياحه فيه، فضلاً عن الحرص على كيفية معاملة الخادم لكبير السن، ولدينا زيارة الاختصاصية، وهي تحصل بشكل مفاجئ، وعن طريقها نستطيع اكتشاف التعامل الذي يحظى به المسن سواء من قبل الخدم أو من قبل الأسرة نفسها، وكل مسن أضع له خطة مختلفة عن نظرائه من المسنين، وهذه الخطة تتكيف مع وضع واحتياجات المسن نفسه، فمثلاً هناك مسنون يحبون زيارة الأماكن الأثرية، ومنهم من يحب زيارة الحدائق، وبالتالي نحن نلبي هذه الأنشطة، ثم إن موضوع البطاقة الصحية نقوم باستخراجه للمسن في حال لم يتمكن من الحصول عليها، أو لم يساعده أحد من الأسرة، والحمدلله نتعامل بشكل جيد مع الدوائر الحكومية وهم يساعدوننا في ذلك . بالنسبة إلى الأدوية يمكن الحصول عليها وتزويدها للمسنين في منازلهم، ونوفر لهم أيضاً سيارة تقلهم إلى المستشفى عند كل موعد .

الحقيقة أننا نسعى لدمج المسن في المجتمع، وتحقيق احتياجاته من خلال الاطلاع على وضعه، وفي حال وجدنا أن هناك إهمالاً من جانب الأهل لكبير السن، فإننا نقدم له الرعاية المكثفة، ويشمل ذلك جميع الخدمات، والخدمة الطبية تكون في الواقع مقيدة، لأنه، كما تعلمون، هناك أجهزة يصعب إرسالها إلى منزل كبير السن، ولذلك يتوافر باص ننقل عن طريقه كبير السن إلى المستشفى في حال كان لديه موعد مع الأطباء هناك، أو تعرض لوعكة صحية . ثم إنني لا أفرض رأيي أو موقفي على المسن، ولذلك أستفسر عن رغبته وأحقق له هذه الرغبة .

المشاركون

  • محمد بكار محمد بن حيدر: مدير تنفيذي في هيئة تنمية المجتمع بدبي .
  • د . حسن قايد الصبيحي: أستاذ الإعلام بجامعة الإمارات .
  • د . علي أحمد مشاعل: كبير المفتين في دائرة الشؤون الإسلامية بدبي .
  • عائشة سلطان: كاتبة وصحافية .
  • فوزية طارش: مديرة إدارة التنمية الأسرية بوزارة الشؤون الاجتماعية .
  • معصومة عبدالله: خبيرة في رعاية المسنين .
  • مريم الفزاري: منتدبة من هيئة الهلال الأحمر .
  • ليلى الزرعوني: مديرة دار رعاية كبار السن في عجمان .
  • خلود عبدالله آل علي: مديرة إدارة الرعاية المنزلية لكبار السن .
  • ريحانة جمعة: أمينة سر جمعية متطوعي الإمارات .
  • شيخة كرم: مساعدة اختصاصية، إدارة الرعاية المنزلية لكبار السن .
  • د . إيناس عبد العظيم: اختصاصية العلاج الطبيعي بدار رعاية المسنين في عجمان .
  • فاطمة حسن عبد العزيز: اختصاصية اجتماعية، إدارة كبار السن في هيئة تنمية المجتمع .
  • موزة محمد عيسى البلوشي: اختصاصية اجتماعية للرعاية المنزلية بدار رعاية المسنين في عجمان .
  • عائشة بشر: مسؤولة إدارية سابقة في دار رعاية المسنين في رأس الخيمة .
  • نسرين بن درويش: مشرفة أنشطة رياضية وثقافية في بلدية دبي .
  • د . ناصر أحمد علي: منطقة رأس الخيمة الطبية .

التوصيات

أوصت ندوة رعاية كبار السن بما يأتي:

1 - إيجاد مشروع وطني عام لرعاية كبار السن في الدولة .

2 - دمج المسنين في المجتمع، سواء في ظل مؤسسة الأسرة، أو ضمن المؤسسات المعنية بإيوائهم .

3 - إيجاد قوانين تحافظ على حقوق المسن المادية .

4 - إيجاد قوانين تعاقب أفراد الأسرة الذين لا يهتمون بأقاربهم من المسنين .

5 - توعية الأسرة بكيفية تعاملها مع كبار السن، وإيجاد حالة من التوازن في المؤسسة الأسرية، تستند إلى علاقات صحية قائمة على التراحم والتواصل الاجتماعي والتمكين الأسري .

6 - تسليط الضوء إعلامياً على المسنين وإبراز قصصهم، وتخصيص برامج إعلامية تناقش أوضاعهم وهمومهم .

7 - إنشاء نوادٍ اجتماعية صحية ترفيهية للمسنين، موزعة على مستوى الإمارات .

8 - إتاحة الفرصة للمسنين من ذوي اللياقات الصحية الكافية، لممارسة الرياضات التي تتفق مع قدراتهم وخبراتهم .

9 - الوقوف على احتياجات كبار السن وتوفير التجهيزات الخاصة بهم .

10 - تشكيل مظلة حاضنة وداعمة لكبار السن، تشمل مؤسسات القطاع العام والخاص .

11 - الاستفادة من خبرات كبار السن والمتقاعدين، لكونهم يشكلون مورداً وطنياً مهماً .

12 - تطبيق خدمة الرعاية المنزلية على مستوى إمارات الدولة .

13 - مطالبة المؤسسات المعنية بكبار السن بكسر طوق العزلة عنهم، والتشجيع على التواصل بينهم وبين الأجيال .

14 - عقد مؤتمر عن كبار السن، يستضيف صانعي القرار .

15 - تكوين لجان من مختلف أطياف المجتمع، لزيارة كبار السن وإقامة برامج لهم .

- See more at: http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/5f90282f-6da7-4746-9755-7d3abdf2120c#sthash.AYrsrccZ.dpuf