مطالبات بمعاقبة صاحب الدعاوى الكيدية للحجر على الآباء
مجلة نصف الدنيا- مؤسسة الأهرام - مصر
مطالبات بمعاقبة صاحب الدعاوى الكيدية للحجر على الآباء 15 مايو 2015 يرفضها: عطا عبدالعال
تزايدت فى الآونة الأخيرة معدلات دعاوى الحجر على الآباء التى يرفعها الأبناء على آبائهم لمنعهم من الزواج أو الاستيلاء على أموالهم وقد أثبتت مداولات المحاكم المصرية لهذه الدعاوى أن أكثر من 90بالمائة منها دعاوى كيدية وطالبت المحاكم بضرورة تشديد العقوبة على رافعى الدعاوى الكيدية وناشدت الآباء تحريك دعاوى جنائية ضد أبنائهم فى القضايا الكيدية واتهامهم بالسب والقذف خاصة بعد أن ثبت وجود أضرار نفسية تقع على هؤلاء الآباء من جراء رفع مثل هذه الدعاوى التى تنال من مكانتهم فى المجتمع وتشير البيانات الصادرة حديثا من محكمة الأسرة فى مصر إلى ازدياد معدلات رفع هذه الدعاوى بصورة مفزعة وأن محاكم محافظة القاهرة وحدها تداولت 400قضية من هذا النوع العام الماضى ( نصف الدنيا ) رصدت عددا من بعض هذه الدعاوى وتسرد هنا جانبا من تفاصيلها .
لمنعه من الزواج
صاحبة الدعوى رقم 1785 التى تواصل محكمة زنانيرى بالقاهرة تداولها أصرت على الوقوف فى مواجهة والدها بعد وفاة والدتها لمنعه من تبديد ثروته على زوجته الجديدة ووضع حد لعربدته فى معاقرة الخمر التى لا يفيق من تأثيرها على حد قولها وسارعت برفع دعواها للحجر عليه وتؤكد فى أسباب رفعها لدعوى الحجر ضد أبيها أن والدها استولى على أموال والدتها وشقيقتها وراح ينفقها على ملذاته وزوجته الثانية وتواصل قولها: أبى يطارد النساء ويرتاد الحانات ويعاقر الخمر وكان لا يرحم أمى المريضة ويتفنن فى تعذيبى أنا وشقيقتى وعندما رحلت أمى عن الدنيا اشتد فى التنكيل بنا وإهانتنا حتى يرغمنا على مغادرة البيت وعندما رفضنا أن نتنازل له عما ورثناه من والدتنا هددنا بالقتل ولم نجد وسيلة للدفاع عن أنفسنا ومنعه من تبديد أموالنا سوى رفع دعوى الحجر عليه .
ولد جاحد
ومن دعاوى الحجر المثيرة التى تتدول نظرها محكمة زنانيرى أيضا دعوى الشيخ رفاعى ضد والده والتى يطالب فيها بالحجر عليه لمنعه من الزواج بعدما أصبح يعيش وحيدا ويؤكد محامى دفاع الأب أن الشيخ رفاعى عاش فى كنف أبيه طفلا مدللا بعد وفاة والدته وأن الأب رفض الزواج خوفا من أن يتعرض الطفل رفاعى لسوء على يد زوجة أبيه وأنه واصل الإنفاق عليه حتى تخرج من الجامعة وبعدها قام بتزويجه ودفع كل نفقات الزواج بالكامل بعد أن كان قد اشترى له شقة فى مكان راق ويواصل المحامى محمد وهب الله وبعد أن اطمأن الأب على مستقبل ولده أراد أن يستريح من معاناة الزمن وفكر فى الزواج بمن يؤنس وحدته ويعوضه سنوات الحرمان التى عاشها بلا زواج وعندما عثر على الزوجة المناسبة أسرع إلى ولده الوحيد الشيخ رفاعى ليزف إليه الخبر ظنا منه أن الشيخ رفاعى سوف يفرح لفرحه وكما كان هو يفعل معه ولكن ولده الشيخ رفاعى بمجرد أن سمع الخبر كاد أن يغشى عليه وعقد جبينه واحمرت وجنتاه من شدة الغيظ وراح يعنف أباه على مجرد التفكير فى الزواج وقد نزلت كلمات الشيخ رفاعى على أبيه كالسهم الذى غاص فى صدره حتى صمت من شدة هول ما سمع وعندما تمالك الأب نفسه استجمع قوته وقام مفزوعا من جلسته وهرول نحو الباب وخرج مسرعا وهائما على وجهه كأنه أصابه الجنون لشدة الجحود الذى امتلأ به قلب ابنه الوحيد عليه ولم يتوقف الابن عند هذا الحد بل أسرع إلى المحكمة ورفع دعوى قضائية للحجر على أبيه لمنعه من ممارسه حقه الطبيعى فى الزواج بمن يكمل معه مسيرة الحياة حتى محطته الأخيرة .
البنات الثلاث
ومن قضايا الحجر الغريبة التى تدولتها إحدى محاكم الأسرة مؤخرا قضية الثلاث بنات اللاتى رفعن قضية حجر ضد والدتهن بسبب إنفاق ثروة زوجها رجل الأعمال الصعيدى الشهير بعد رحيله على أبنائها الذكور دون بناتها الإناث وعن تفاصيل هذه القضية تقول دولت البنت الكبرى : لقد ترك أبى رجل الأعمال الصعيدى المشهور ثروة كبيرة خاصة بأمى بعد رحيله لأنه كان يخشى عليها من العوز من بعده ولكن أمى عندما شعرت بأنها تقدمت فى العمر قررت أن تنفق كل ثروتها على أبنائها الذكور مع حرمان بناتها الإناث ولما حاولنا نحن بناتها الثلاث أن نبين لها بأن لنا حقوقا فى هذه الثروة قالت لنا : أنتن متزوجات من رجال أغراب عن العائلة وأنا لا أود إعطاء أموالى للأغراب وأولادى الذكور أحق بثروتى وتواصل دولت : اتبعنا كل السبل فى إثناء أمى عن تصرفاتها فلم تستجب وفى آخر مرة طلبنا من أحد الشيوخ الكبار وهو رجل دين معروف أن يتوسط لنا لديها ويبين لها حكم الشرع فى عدم العدل فى توزيع تركتها على أبنائها جميعا ولكنها لم تستجب للشيخ الذى أمضى معها وقتا طويلا ليبين لها حكم الشرع فى إنفاق ثروتها على أولادها الذكور دون بناتها الإناث وتستطرد دولت : ذهبنا إلى عالم كبير من علماء الدين كان على صلة بوالدنا وقصصنا عليه الحكاية فطلب منا أن نمهلها بعض الوقت حتى يذهب إليها لزيارتها وحل المشكلة معها ظنا منه أن علاقته بوالدى سوف تشفع له عندها وتستجيب لطلبه ولكن أمى أصرت على موقفها رغم تقديرها للشيخ وفى هذه اللحظة قال لنا هذا الشيخ : إن الحل الوحيد للحصول على حقوقكن فى تركة هذه الأم هو رفع قضية حجر عليها فى المحكمة ولكن الشيخ حذرنا من ذلك وأكد لنا أن مثل هذا التصرف سوف يزيد الشقاق بيننا وبين والدتنا من جهة وبيننا وبين أشقائنا الذكور وكل أفراد عائلتنا بحكم التقاليد الصعيدية لأن مثل هذا التصرف حسب تقاليد الصعيد يعد عملا منكرا ومستهجنا بل ومفزعا ومن يقدم عليه وخاصة لو كانت بنتا لاستحقت العقوبة التى ربما تصل إلى القتل حسب العرف الصعيدى . وتواصل دولت : لقد اتخذنا إجراءات رفع قضية الحجر ضد والدتنا من قبل عن طريق محام مشهور ولكننا جئنا اليوم إلى المحكمة لسحب هذه القضية وعدم السير فى إجراءاتها حرصا على بقاء واستمرار العلاقات العائلية واحتراما لذكرى أبينا الذى كان يحب والدتنا ويحترمها بقوة وخوفا من أن نكون قد قمنا بفعل يترتب عليه نوع من العقوق لوالدتنا وتنهى دولت حديثها : وجدنا أنه من غير المعقول أن نكون سببا فى وقوف أمنا أمام القاضى وفى ساحات المحاكم على أنها متهمة كما خشينا من احتمال تعرض أمنا لمكروه إذا ما وضعناها فى مثل هذا الموقف وفضلنا التضحية بما لنا من أموال فى سبيل علاقتنا بوالدتنا وإخوتنا وأهلينا عسى أن تعود والدتنا يوما إلى صوابها وتنصفنا ولا تظلمنا أو تجور علينا ليس لسبب سوى أننا بنات وإخوتنا ذكور .
أرقام مخيفة
الدراسات التى أجريت خلال السنوات العشر الماضية حول دعاوى الحجر على الآباء والتى يرفعها ضدهم الأبناء تؤكد حدوث زيادات فى معدلات رفع هذه الدعاوى ويؤكد المستشار حسن منصور رئيس محكمة الأسرة أن أحد التقارير الصادرة مؤخرا عن محاكم الأسرة تشير إلى أن عدد دعاوى الحجر على الآباء فى محافظة القاهرة العام الماضى بلغت أكثر من 400 دعوى تطالب بمنع الآباء من التصرف فى أموالهم ويؤكد المستشار منصور أن غالبية هذه الدعاوى كيدية وأن أصحاب هذه الدعاوى يتهمون آباءهم بالعته والجنون والسفه زورا للاستيلاء على أموالهم ومنعهم من بعض التصرفات مثل الزواج وغيره مشيرا إلى أن غالبية الآباء الذين سبق اتهامهم فى قضايا سابقة أثبت التقارير الطبية سلامتهم العقلية والذهنية وقدرتهم على التصرف فى أموالهم وشئونهم الدنيوية ويؤكد محمد الحميدى المحامى بالنقض : أن مثل هذه الاتهامات تحمل نوعا من السب والقذف بحق هؤلاء الآباء من جانب الأبناء ومن ثمة فإنه ينبغى على هؤلاء الآباء الذين يثبت عدم صحة دعاوى الأبناء ضدهم تحريك دعاوى جنائية ضد أبنائهم يتهمونهم فيها بسبهم وقذفهم والمطالبة بحبسهم ومعاقبتهم على ما ارتكبوه بحق آبائهم من جناية السب والقذف وقد تصل العقوبة فى مثل هذه الحالات إلى الحبس مدة تصل إلى العام وبحسب حجم الجريمة التى ارتكبها الأبناء ضد الآباء فى رفع مثل هذه القضايا ويضيف الحميدى : إن رفع مثل هذه الدعاوى من جانب الأبناء تسبب آلاما نفسية للآباء وتقلل من مكانتهم فى المجتمع وتجعلهم عرضة للتندر ونظرات الاستهزاء بين الناس ومن ثمة فلا بد من وضع تشريع صارم لمعاقبة الأبناء الذين يقدمون على مثل هذه الخطوة المسيئة . ويتفق مع هذا الرأى محمد عبدالرازق المحامى بالجنايات ويقول : إن البرلمان المصرى كان قد تقدم فى وقت سابق بمشروع قانون لمعاقبة الأبناء الذين يقدمون دعاوى حجر كيدية ضد آبائهم بهدف ابتزازهم والاستيلاء على أموالهم وذلك بعد أن أثبتت المحاكم التى تداولت هذه الدعاوى أن أكثر من 90 بالمائة منها قضايا كيدية بسب جشع وطمع الأبناء وتجردهم من العواطف الأبوية والإنسانية ويضيف توفيق : الحجر هو منع الشخص من التصرف فى أمواله لعلة أصابته فى عقله أو تصرفاته فيبدد أمواله وممتلكاته ويصح أن يرفع دعاوى الحجر أبناء الشخص أو أقاربه أو أى شخص آخر له مصلحة فى ذلك ويصدر قرار الحجر بناء على طلب المحكمة التى تنظر دعوى بالحجر ويجيز المشروع الجديد الذى قدمه البرلمان حبس رافع الدعوى الكيدية على والده سنة بدلا من 3 أشهر وغرامة 5 آلاف جنيه بدلا من 100 جنيه .